في تحليل عميق للوضع السياسي في ليبيا، قدم السفير الدكتور جواد الهنداوي، رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات في بروكسل، رؤية مفصلة حول التشابه بين الوضع الليبي الراهن والتجربة العراقية السابقة، مع التركيز على صراع النفوذ الدولي والتوازنات الداخلية المعقدة.

وأوضح الهنداوي في مقاله الذي نشره موقع “راي اليوم” أن ليبيا تشهد حالياً تعدداً غير مسبوق في السلطات السياسية والحكومية، إضافة إلى وجود فصائل مسلحة متنوعة وتدخلات خارجية متعددة.

وأشار إلى وجود حكومتين رئيسيتين: حكومة بنغازي في الشرق بقيادة المواطن الأمريكي خليفة حفتر، وحكومة الوحدة الوطنية في الغرب المعترف بها دولياً.

وقال الهنداوي: “نرى في ليبيا تشابكاً في العلاقات بين القوى الداخلية والخارجية يشبه ما شهدناه في العراق. فجميع الأطراف الليبية لديها علاقات مع القوى الدولية الكبرى، خاصة روسيا وأمريكا، بغض النظر عن انتماءاتها السياسية.”

وأضاف: “رغم التنافس الشديد بين الأطراف الليبية، إلا أن البلاد لم تنزلق إلى حرب أهلية شاملة، وهذا يبعث على التفاؤل. فالحوار مستمر بين الفرقاء، وكل طرف له حصة في السلطة وإدارة الثروات، مما يجعلهم حريصين على إيجاد أرضية مشتركة.”

وحول الدور الدولي، أكد الهنداوي أن القوى العظمى، وخاصة أمريكا وروسيا، لديها مصالح في كافة أنحاء ليبيا، مما يجعلها حريصة على منع نشوب حرب أهلية. وقال: “أمريكا تسعى لضمان تدفق النفط والغاز واستخدام ليبيا كقاعدة لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، بينما تهتم روسيا بالاستثمار في قطاع النفط وتوسيع نفوذها نحو دول الساحل الأفريقي.”

وحذر الهنداوي من تصاعد التنافس الروسي-الأمريكي في ليبيا، خاصة مع تشكيل روسيا للفيلق الأفريقي الذي سيبدأ عمله قريباً في ليبيا ودول الساحل الأفريقي. وأضاف: “هذا التطور يزيد من حدة الصراع على النفوذ في المنطقة.”

وختم الهنداوي بالقول: “من مصلحة جميع الأطراف الليبية الحفاظ على التوازن في علاقاتهم مع القوى الدولية لضمان وحدة ليبيا وسيادتها. على الليبيين أن يدعوا القوى الدولية تتنافس فيما بينها، مع الحرص على عدم السماح لأي طرف بالهيمنة الكاملة.”

Shares: