أكد الباحث الألماني، ولفرام لاتشر في مقال له بموقع ميجاترندس أفريكا الفرنسي أن ليبيا تعيش تحت احتلال تركي وروسي، والدولتان تتبنيان سياسة الابتعاد عن الأضواء للبقاء على المدى الطويل.
كشف الباحث الألماني ولفرام لاتشر فيمقال نشره موقع “ميجاترندس أفريكا” الفرنسي عن تفاصيل مثيرة حول الوجود العسكري التركي والروسي في ليبيا، مؤكداً أن البلاد تعيش تحت “الاحتلال” من قبل هاتين القوتين.
وأوضح لاتشر، استناداً إلى زيارات ميدانية متكررة إلى طرابلس على مدى العامين الماضيين، أن القوات التركية والروسية تتبنى استراتيجية “الابتعاد عن الأضواء” بهدف إطالة أمد وجودها في البلاد.
وقد لاحظ الباحث وجود قواعد عسكرية تركية في ضواحي العاصمة، حيث شاهد العلم التركي يرفرف فوق إحدى هذه القواعد.
ولفت إلى توجهه مراراً وتكراراً إلى قاعدة عسكرية في الضواحي الغربية للعاصمة لعقد الاجتماعات، وتقع القاعدة في طريق مسدود، على بعد مئات الأمتار من الطريق الساحلي، وللوصول إليها، كنت أمر أولاً بمجمع آخر مجاور، يسمى سيدي بلال، وهو أحد القواعد العديدة التي تستضيف المقاتلين السوريين.
كما لفت إلى أن روسيا، التي طالما أنكرت وجود قواتها في ليبيا، بدأت مؤخراً في الاعتراف بوجودها العسكري بشكل تدريجي، خاصة بعد تمرد ووفاة مؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريجوزين.
وشدد على أنه خلال زيارته كان العلم التركي يرفرف في الأعلى، كان الصاري الموجود داخل القاعدة مرئيًا بوضوح من خارج أسوار القاعدة.
وأكد لاتشر أن كلاً من تركيا وروسيا تسعيان للاستقرار على المدى الطويل في ليبيا، مشيراً إلى أن الوجود الروسي يعد بمثابة مركز للانتشار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وربما لاستعراض القوة البحرية في البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف التقرير، أن الوجود الأجنبي في ليبيا قد أدى إلى توترات مع السكان المحليين، حيث قامت عناصر فاغنر بترويع السكان في سرت، بينما احتل المقاتلون السوريون منازل النازحين في مصراتة.
كما أشار إلى تزايد نشاط المرتزقة السودانيين في تهريب الوقود وفرض رسوم مرور غير قانونية.
ولفت لاتشر خلال تحليله بالإشارة إلى أن الوجود الروسي والتركي في ليبيا يحظى باهتمام أقل من أنشطة الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، مما يثير تساؤلات حول مستقبل النفوذ الدولي في المنطقة.
وأوضح أن روسيا وتركيا اكتسبت موطئ قدم عسكري خلال ذلك الصراع بعد أن تبنت الحكومات الغربية تدخلات عسكرية، حيث قررت الولايات المتحدة وفرنسا إعطاء فرصة للحرب.
وشدد على ان حفتر اعتمد على روسيا تحت ستار مجموعة فاغنر، لردع الاضطرابات الاجتماعية وحمايته من الهجمات المحتملة من قبل خصومه المتمركزين في غرب ليبيا.
كما اعتمد غرب ليبيا بدوره على تركيا لمنع هجوم آخر لحفتر، وقد دفع الجانبان لداعميهم الأجانب مقابل مساعدتهم، مما سمح لهم ببناء وجود دائم في ليبيا بتكلفة قليلة.
ولفت التقرير إلى أنه عندما بدأت الدولتان التدخل لأول مرة في عام 2019، كان تدخلهما في ليبيا مثالا صارخا على مدى سرعة تغير النظام الدولي، وكان إيذاناً بأنماط جديدة من التدخل الأجنبي في الصراعات الأفريقية.
وأضاف أنه عندما انتهت الحرب مع بقاء القوات الأجنبية، بدا أن الأحداث المبكرة تؤكد الإمكانات المتفجرة للوجود العسكري الأجنبي.
-وأوضح أنه في سرت، روعت عناصر فاغنر السكان من خلال قصف منطقة سكنية لتهجير سكانها قسراً قبل احتلال منازلهم وتلغيمها، وفي مصراتة، احتل المقاتلون السوريون منازل السكان النازحين في إحدى الضواحي الجنوبية، مما أدى إلى تأجيج التوترات الكامنة مع الجيران.
كما في سرت والجفرة، كثيراً ما كان الروس يظهرون في المتاجر والمطاعم، وفي بعض الأحيان كانوا يحملون الأسلحة علنا، وبمرور الوقت، أصبح وجود المقاتلين السودانيين، الذين لم يعد حفتر قادراً على دفع أجورهم، أكثر إزعاجا.
وأكد التقرير، أن المرتزقة السودانيين بدأوا يطالبون برسوم مرور عند نقاط التفتيش على طول الطرق البرية، وزاد نشاطهم في تهريب الوقود.
ومع توقف الحرب بدأ عناصر فاغنر في التوجه إلى مواقع نائية مثل مناطق تعدين الذهب أو القواعد العسكرية.
ولفت لتسليم السفن الروسية للأسلحة بشكل ملحوظ عبر ميناء طبرق في أبريل 2024، والزيارة التي قامت بها عدة سفن حربية روسية إلى طبرق في يونيو، عززا رسالة مفادها أن الوجود الروسي أصبح أكثر علنية ورسمية.
بالنسبة لروسيا، أكد التقرير، أنه يعد الوجود بمثابة مركز للانتشار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وربما لاستعراض القوة البحرية في البحر الأبيض المتوسط.