قالت صحيفة “إندبندنت” عربية إن العجز في استخدام النقد الأجنبي في ليبيا بلغ 9 مليارات دولار خلال الـ6 أشهر الماضية، وسط توقعات بأن يصل إلى قرابة 20 مليار دولار نهاية العام الحالي.
وأضافت “إندبندنت” في تقرير لها عن الوضع الاقتصادي في ليبيا، أن الانقسام السياسي يلقي بثقله على الوضع الاقتصادي الذي تفاقمت هشاشته خلال العام الأخير، وتواترت مؤشراته السيئة في الظهور ضمن البيانات الدورية التي يصدرها المصرف المركزي الذي كشف في تقريره الخاص بالنصف الأول من العام الحالي عن ارتفاع العجز في النقد الأجنبي لديه إلى ما يزيد على 9 مليارات دولار.
وأوضحت أن قراءات الخبراء المتخصصين في الشأن الاقتصادي لهذا التقرير، رأت فيه نذيرا خطيرا يعزز المخاوف من وصول البلاد إلى هاوية الإفلاس في وقت قريب، إذا لم تتخذ إجراءات حقيقية سياسية واقتصادية تعالج تشوهات الاقتصاد الليبي الذي يرزح تحت أعباء ضخمة بسبب الفساد والإنفاق الحكومي الموازي وانقسام المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها البنك المركزي نفسه.
وأشارت إلى أن البيان الأخير الذي أصدره مصرف ليبيا المركزي، وغطى الفترة من يناير حتى يونيو 2024 كشف عن أن إجمالي الإيرادات بلغ 45 مليار دينار (7.3 مليار دولار) وإجمالي الإنفاق العام سجل 43.7 مليار دينار (6.9 مليار دولار).
ولفت المركزي في بيانه إلى أن إيرادات النقد الأجنبي خلال الفترة نفسها بلغت 9.1 مليار دولار، بينما وصلت استخدامات النقد الأجنبي إلى 18 مليار دولار، مما يعني وجود عجز في النقد الأجنبي بنحو 9 مليارات دولار.
وأوضح كذلك أن ليبيا حققت إيرادات نفطية تقدر بـ37 مليار دينار ليبي (6 مليارات دولار)، وهو مبلغ أقل مما كان متوقعا خلال النصف الأول من العام الحالي 2024 بسبب تذبذب أسعار النفط الدولية خلال هذه الفترة.
وسلط بيان المركزي من جديد الضوء على المصاريف الكبيرة التي تنفق على المؤسسات الموازية في ليبيا، حيث بيّن أن إنفاق حكومة الدبيبة تجاوز مليار دينار (162 مليون دولار) منذ بداية العام وحتى نهاية يونيو، فيما بلغ إنفاق مجلس النواب والجهات التابعة له 496 مليون دينار (80 مليون دولار)، ووصل إنفاق مجلس الدولة إلى 21 مليون دينار (3.4 مليون دولار)، في حين تجاوز إنفاق المجلس الرئاسي والجهات التابعة له 230 مليون دينار (37 مليون دولار).
وقالت “إندبندنت” إن محافظ مصرف ليبيا المركزي توقع في تقديم الطلب لفرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي لمجلس النواب بداية العام الحالي، أن يكون حجم الطلب على النقد الأجنبي للقطاع العام والخاص لعام 2024 قرابة 36 مليار دولار، وأن تكون الإيرادات النفطية لعام 2024 في حدود 24 مليار دولار فقط، ما يعني بحسب تقديره ارتفاع العجز إلى 12 مليار دولار، إلا أن انخفاض إيرادات النفط خلال النصف الأول من عام 2024 جعل متخصصين يرجحون أن يقفز العجز في النقد الأجنبي إلى أكثر من 20 مليار دولار نهاية العام.
وأضافت الصحيفة أن عجز النقد الأجنبي في ليبيا تخطى خلال أربعة أعوام فقط، منذ 2019، ما يقارب الـ 22 مليار دولار، كلها أنفقت من الاحتياط الأجنبي في البلاد الذي بات يواجه خطر الاستنزاف إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
وأوضحت أن في 2020، وصل عجز النقد الأجنبي إلى نحو 9.3 مليار دولار بسبب إغلاقات عدة في حقول النفط والأزمة السياسية التي شهدتها البلاد وقتها.
وخلال 2021 و2022 تراجع عجز الموازنة في النقد الأجنبي إلى 2.8 مليار دولار، ليعاود الصعود في 2023 إلى 9.9 مليار دولار، في أكبر عجز بالنقد الأجنبي شهدته الدولة خلال الأعوام الماضية.
ومن ناحية أخرى، قال خالد الزنتوني الخبير الاقتصادي الليبي، إن النفط في ليبيا ما زال يمثل المورد الأوحد تقريبا من الإيراد العام، إذ أنه يبلغ حوالي 44 مليار دينار وما نسبته حوالي 98% من إجمالي الإيرادات.
وأضاف الزنتوني في مقال له بصحيفة “الرائد” أن هذه المصيبة الأكبر في اعتمادنا على مورد وحيد ناضب وهذا نعرفه جميعا فلا غرابة، ولكن الغرابة أن يهبط سعر النفط لسبب أو آخر، خاصة أننا نعرف أن هدف أمريكا دائما هو سقف 60 دولارا للبرميل، وأنا أخاف أنه إذا ما عاد ترامب للسلطة فإنه سيعمل على تحقيق ذلك، وإذا ما انخفض جدلا إلى ذلك السعر أو قريب منه هذا فهذا يعني أنه سينخفض بما نسبته حوالي 30% عن متوسط سعره لهذه السنة 2024 البالغ حوالي 82 دولارا أو أكثر.
وأوضح أن هذا يعني أن دخلنا النفطي النصف سنوي سوف يهبط إلى حوالي 31 مليار دينار فقط وهذا بالكاد يغطي المرتبات نصف السنوية، متسائلا لو حدث هذا فماذا عسانا أن نفعل، أمامنا أحد الخيارين وأحلاهما مر استنزاف الاحتياطي أو تخفيض الدينار.