أثارت فكرة تشكيل فيلق أمريكي أوروبي في ليبيا؛ لمواجهة تمدد الفيلق الإفريقي الروسي، تساؤلات عن جدية هذا التوجه، ومدى إمكانية تحول ليبيا إلى مسرح لحرب بالوكالة بين موسكو والغرب.

وذكرت صحيفة “إرم نيوز” أن مسؤولا أمريكيا كبيرا نفى إمكانية نشر الولايات المتحدة قوات على الأرض في ليبيا، في وقت تنشط فيه شركة “أمينتوم” الأمنية الخاصة في غرب البلاد التي يسيطر عليها الحميد الدبيبة.

وقال الخبير العسكري عادل عبد الكافي، إن استمرار التصعيد بين الولايات المتحدة والأوروبيين، من جهة، وروسيا من جهة أخرى، في منطقة شمال إفريقيا، وتحديدا ليبيا، يأتي وسط حديث عن إمكانية فرض موسكو قاعدة عسكرية لها في الشرق الليبي”.

وكشف عبد الكافي، في تصريح نقلته “إرم نيوز”، أن “قوات من الفيلق الإفريقي الروسي بدأت تصل إلى ليبيا، وأن هناك قطعًا حربية ومعدات روسية بصدد الوصول.

ولفت إلى تكثيف الحضور الروسي، والزيارات المتكررة لرئيس الفيلق، يونس بك، إلى معسكر الرجمة، وتحدث عن ست زيارات في حوالي سبعة أشهر، مع إبرام اتفاقيات عدة.

وتابع أن روسيا تحاول إيجاد طريقة شرعية لوجودها في ليبيا وإنشاء قواعد عسكرية، وهو أمر يشكل تهديدا لقواعد الناتو في حوض المتوسط، ولمصالح الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في إفريقيا؛ لأن لدى موسكو استراتيجية للتغلغل في العديد من الدول الإفريقية وليس ليبيا وبوركينافاسو والنيجر ومالي والسودان فقط.

وأفاد عبد الكافي بأن التحركات الروسية تثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، خاصة بعد محاولة الانقلاب في تشاد، لذلك بدأ الحديث عن إمكانية تشكيل فيلق أوروبي، مستدركا بأن ذلك المقترح جاء متأخرا جدا، وأن الولايات المتحدة تتخذ خطوات بطيئة سواء بإصدار العقوبات أو مصادرة الأموال الروسية.

وأنهى عبد الكافي حديثه بالقول، إن التصعيد الأوروبي والأمريكي يقابله الآن تكثيف للوجود الروسي في ليبيا؛ ما يشكل تهديدا كبيرا من الناحية العسكرية والاقتصادية للأوروبيين”.

وقال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، إن الأمريكيين يعملون بكل جهد على تشكيل فيلق أوروبي في ليبيا، ولكن بشرط أن تكون الموافقة عليه مشتركة بين حكومة الغرب الليبي، وحفتر في الشرق، وهي معادلة ما زالت صعبة التحقيق حالياً”.

وأوضح المرعاش، لـ”إرم نيوز”، أن قوات حفتر لديها مقاربة مختلفة تماماً؛ فهي لا تريد أي قوّة أجنبية على الأرض الليبية، وألا تكون الأرض الليبية مسرحاً لأي نزاع دولي، وترفض فكرة محاربة روسيا كوكيل، وفي الوقت نفسه، تتعهد بأن تكون ليبيا محايدة، وغير منحازة لأي طرف في أي صراع دولي، وأن تبقي مصلحتها العليا والمصالح المتبادلة هي القاعدة التي تحكم علاقاتها، فلا تضر بالغير”.

وأكد أن هذه المعادلة لا يقبلها الأمريكيون، ويلقون تجاوباً كبيراً من حكومة الدبيبة لرغباتهم، ولكن هذا وحده غير كافٍ لتشكيل هذه القوة في مثل هذه المعطيات”.

وبيّن المرعاش أنه إذا ما ذهب الأمريكيون في تشكيل هذه القوة مع حكومة الدبيبة، فإن ذلك يعني أن ناقوس الحرب قد دُق من جديد في ليبيا، وسيتحمل الأمريكيون وحدهم مسؤولية هذا التصعيد الخطير، الذي ستكون أولى عواقبه وقف ضخ النفط الليبي، وانحياز قوات حفتر بالكامل لروسيا لحمايته من العدوان الأمريكي.

وأضاف أن هذا السيناريو يبقى بعيدا عن التحقق رغم الرغبة الأمريكية؛ لأن الأتراك، وهم مؤثرون في الغرب الليبي، لن يتوافقوا مع الأمريكيين في خطوتهم لتشكيل هذا الفيلق، الذي يرون فيه تهديدا مباشرا لتفردهم ونفوذهم العسكري الحالي في الغرب الليبي.

وخلص المرعاش إلى أنه مع كل هذه المعطيات يبقى تشكيل هذا الفيلق حلما أمريكيا صعب التحقيق تحت هذه الظروف.

وتنشط في ليبيا عناصر “فاغنر” في مدينة سرت (450 كلم شرق العاصمة طرابلس)، حيث يتمركزون في قاعدة “القرضابية” الجوية ومينائها البحري، إضافة إلى قاعدة “الجفرة” الجوية (جنوب)، وقاعدة “براك الشاطئ” الجوية (700 كلم جنوب طرابلس).

وقالت صحيفة “فيدوموستي” إن موسكو بدأت تشكيل الفيلق ليحل محل قوات “فاغنر”، ومن المفترض أن يكتمل هيكله بحلول صيف 2024، ليكون حاضرا في 5 دول إفريقية.

وأضافت أن الفيلق سينشط في ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر، وسيتبع مباشرة الإدارة العسكرية، ويشرف عليه الجنرال يونس بك إيفكوروف نائب وزير الدفاع الروسي.

وبجانب تقرير الصحيفة، صدر لاحقا تصريح أمريكي بشأن “الفيلق الإفريقي”، لكن لم تصدر أي إفادة رسمية روسية بخصوصه، ولم تعقب بشأنه السلطات الليبية ولا قائد قوات الشرق الليبي اللواء المتقاعد حليفة حفتر، الذي ربط مراقبون بينه وبين الفيلق الروسي.

Shares: