في خطوة تعكس تزايد الاهتمام الدولي بالوضع في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، كشفت الولايات المتحدة والجزائر عن تنسيق مشترك لمعالجة الأزمات في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على الوضع في ليبيا.
وفي جلسة استماع أمام الكونغرس الأمريكي، صرح جوشوا هاريس، السفير الأمريكي الجديد المعين لدى الجزائر، بأن البلدين يعملان معًا على مستوى مجلس الأمن لتعزيز الأمن الإقليمي.
وأضاف هاريس الذي عمل سابقًا في السفارة الأمريكية في ليبيا، أن التعاون الأمريكي الجزائري يمتد أيضًا إلى معالجة التحديات الأمنية في منطقة الساحل، حيث تنشط التنظيمات المتطرفة في دول مثل مالي والنيجر وبوركينافاسو.
يُشار إلى أن هاريس، كان يشغل منصب نائب وزير خارجية مكلف بشمال أفريقيا، قبل اختياره لمهمته الجديدة.
وسبق أن زار الجزائر ثلاث مرات بين 2023 و2024، وبحث مع مسؤوليها في الأزمات الأمنية والسياسية التي تشهدها ليبيا والمنطقة جنوب الصحراء.
ونقلت مصادر صحافية عن هاريس الذي سيتسلم منصبه الجديد بالجزائر قريباً خلفاً للسفيرة إليزابيث أوبين، نشرتها “الشرق الأوسط” السعودية، أن البلدين «يعملان معاً على مستوى مجلس الأمن لتعزيز الأمن الإقليمي، من أجل إنهاء الصراع في السودان، ومنع ليبيا من الانزلاق أكثر في صراعها الداخلي».
وشدد على أنهما «يعملان أيضاً على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، التي تستهدفها قوى معادية تستغل نقاط الضعف في المنطقة»، في إشارة إلى التنظيمات المتطرفة التي تهدد الأمن في مالي والنيجر وبوركينافاسو، بشكل خاص.
وقال الدبلوماسي الأميركي عن نفسه، إنه عمل خلال العقد الماضي في السفارة الأميركية في ليبيا «لتمكين الليبيين من استعادة سيادتهم الوطنية»، وإن واشنطن والجزائر «تحافظان على حوار مثمر».
والمعروف، أن الجزائر عدّت نفسها من «أكثر دول المنطقة تضرراً من تبعات سقوط نظام القائد الشهيد معمر القذافي عام 2011»، بسبب تسرب الأسلحة وتسلل متطرفين، زيادة على نشاط شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود المشتركة (نحو 900 كلم).
الجزائر أكدت على موقفها الداعم لحل الأزمة الليبية عبر الحوار والمصالحة الوطنية. وفي فبراير 2024، دعا وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الأطراف الليبية إلى المشاركة الفعالة في الجهود الدولية لإجراء الانتخابات، معتبرًا ذلك حلاً دائمًا للأزمة.
وبدأ الحوار الاستراتيجي بين الجزائر وواشنطن فعليًا في يناير الماضي، حيث عقد السفير الجزائري في واشنطن صبري بوقادوم لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، بما في ذلك هاريس، لمناقشة قضايا إقليمية مختلفة.
وفي فبراير 2024 دعت الجزائر الأطراف الليبية إلى «المشاركة الفعالة في الجهود الدولية الرامية إلى توفير الشروط اللازمة لإجراء الانتخابات بوصف ذلك حلاً دائماً للأزمة».
وقال وزير خارجيتها أحمد عطاف، يومها في اجتماع لـ«اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي»، إن بلاده «تسعى لعقد مصالحة بين الأطراف الليبية»، وإنها «تضع تجربتها بخصوص تنظيم الانتخابات تحت تصرفهم».
وشدّد على موقف بلاده «الرافض للتدخلات الخارجية»، داعياً «الأطراف الأجنبية إلى رفع أيديها عن ليبيا لتمكين الجهود الأفريقية والدولية، من الاندماج لتحقيق الأمن والسلام في ليبيا».
وبدأ «الحوار» بخصوص الأوضاع بالمنطقة، بين الجزائر وواشنطن، فعلياً، في يناير الماضي، عندما عقد سفير الجزائر في واشنطن صبري بوقادوم، لقاءات مع مسؤولين أميركيين، من بينهم هاريس، الذي بحث معه نزاع الصحراء والصراعات في دول جنوب الصحراء، خصوصاً في مالي والنيجر.
وكتبت وزارة الخارجية الأميركية بحسابها على منصة «إكس»، أن هاريس «أكد للسفير صبري بوقادوم، تطلع بلاده إلى العمل بشكل وثيق لتحقيق الأهداف الثنائية والإقليمية المشتركة».
وخلال زيارته الجزائر في سبتمبر الماضي، عبّر هاريس في تصريحات للصحافة، عن قلق الإدارة الأميركية من التصعيد العسكري بين المغرب و«بوليساريو»، وقال: «هدفنا يكمن في توفير ظروف نجاح العملية السياسية، لكن التصعيد يتعارض مع مساعي مسار الأمم المتحدة»، بخصوص حل النزاع.
وأكد أن الحكومة الأميركية «بذلت جهوداً لإعادة إرساء عملية سياسية بالنظر لأهمية وقف أي تصعيد للنزاع العسكري». وأبرز أن حكومته «تحاول بوصفها داعمة للأمم المتحدة، ودي ميستورا (ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي للصحراء) استخدام العلاقات والشراكات بما في ذلك الشراكات القوية للغاية مع الجزائر، لخلق بيئة يمكن فيها لعملية الأمم المتحدة أن تتقدم بشكل كبير، وفي أجواء من التهدئة».