يشهد مصرف الوحدة الليبي حالة من التناقض الصارخ، حيث تتزامن المطالبات القوية بتوزيع الأرباح مع سلسلة من فضائح الفساد والاختلاسات التي تهز أركان المؤسسة المالية.
قضايا التلاعب المالي والاستيلاء على الأموال
ففي الوقت الذي يتصدر فيه المصرف عناوين الأخبار بسبب قضايا التلاعب المالي والاستيلاء على الأموال، عقدت الجمعية العمومية العادية للمصرف اجتماعاً في بنغازي يوم الخميس الماضي، شهد مطالبات حثيثة من قبل ملاك المحافظ الاستثمارية بحقوقهم في الأرباح المتأخرة منذ أكثر من 13 عاماً.
هذا التناقض يسلط الضوء على الوضع المعقد الذي يواجهه القطاع المصرفي الليبي، حيث تتشابك مصالح المستثمرين مع تحديات الفساد المستشري.
مكتب النائب العام
وبينما يسعى مكتب النائب العام جاهداً لكشف وملاحقة قضايا الاختلاس المتكررة، يصر أصحاب المحافظ الاستثمارية على ضرورة الحصول على حقوقهم المالية، مؤكدين أنهم يشكلون الكتلة الأكبر في الجمعية العمومية للمصرف.
يأتي هذا في ظل تحذيرات من خبراء اقتصاديين حول التأثيرات السلبية لهذه الفضائح على سمعة المصارف الليبية وثقة المستثمرين، مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة السيولة النقدية وزعزعة استقرار القطاع المالي في البلاد.
وعقدت الجمعية العمومية العادية لمصرف الوحدة اجتماعاً في مدينة بنغازي يوم الخميس الماضي، بحضور ممثلين عن الرابطة العامة للمنتفعين بالمحافظ الاستثمارية كملاك محافظ وممثلين عن الرابطة العامة، وهم محمد المريمي، وصالح حزاز، و أيمن الحوتي.
وشهد الاجتماع مطالبات قوية بحقوق ملاك هذه المحافظ.
صرح صالح حزاز، رئيس المكتب القانوني للرابطة، أن ملاك المحافظ الاستثمارية يشكلون 43.8% من أعضاء الجمعية العمومية للمصرف، مما يجعلهم الكتلة الأكبر، ولهم الحق في رئاسة الجمعية العمومية.
وأكد حزاز، أن صندوق الإنماء لم يعد يمثلهم بعد صدور قوانين جديدة.
وشدد حزاز على ضرورة توزيع الأرباح المتوقفة منذ أكثر من 13 عاماً، رافضاً مقترح المصرف بتأجيل التوزيع.
كما طالب بتنظيم تمثيل ملاك المحافظ كجسم واحد في الجمعية العمومية، وتقديم تسهيلات خاصة لهم في الخدمات المالية.
ولاقت هذه المطالب تأييداً من بعض الأعضاء الحاضرين، مما يفتح الباب للتعاون المستقبلي لتحقيق مصالح ملاك المحافظ الاستثمارية.
وأكد على ضرورة تنظيم العمل باعتماد جسم لتمثيل المحافظ بالكامل وليس كأفراد، حتى يتسنى لهم إثبات وجودهم من خلال الجمعية العمومية.
وشدد على ضرورة تقديم كافة أنواع التسهيلات لأعضاء الجمعية العمومية لمصرف الوحدة في كافة الخدمات المالية كأولوية.
مصرف الوحدة جمد 141 حسابا لشركة وأفراد
وزعم حزاز خلال تقديمه الشكر لأعضاء الجمعية العمومية وإدارة مصرف الوحدة على جهودهم المبذولة من أجل إنجاح العمل وتطويره والمحافظة عليه رغم الصعوبات.
وفي سياق متصل، قال الإعلامي أحمد السنوسي إن مصرف الوحدة جمد 141 حسابا لشركة وأفراد نتيجة تلاعب مجدي المنفي بالمقاصة واستحواذه على كمية كبيرة من الأموال.
فتح اعتمادات بالدولار لأفراد دون تغطية
وأضاف السنوسي في حلقة متلفزة، أن البنك يفتح اعتمادات بالدولار لأفراد دون تغطية، ويقوم الأفراد بسحب كمية كبيرة من الدولارت دون دفع ما يوازيها بالدينار الليبي ثم يقوم ببيعها في تركيا أو الإمارات ثم يرجع ليبيا ويدفع ما عليه من اعتمادات، ويستولي هو على فرق العملة، ويتكرر ذلك مئات المرات، دون أن يتكبد الفرد أي عناء.
وأوضح السنوسي أن مجدي المنفي يستلم صكا من مصرف التجارة والتنمية بقيمة مثلا 100 مليون دينار، ثم يذهب لمصرف الوحدة ويقوم بتسييل هذه الصك ويستلم قيمته نقدا، وبذلك يكون قد استولى على هذا المبلغ دون وجه حق أو أي مقابل.
وقال السنوسي إن ما يساعد على هذه الفساد هو عملية المقاصة واختلافها من مصارف المنطقة الشرقية عن المنطقة الغربية، فمصارف المنطقة الغربية تتم عملية المقاصة فيها إلكترونيا، أما في المنطقة الشرقية فتتم المقاصة بالطريقة اليدوية ما يعطي مجالا كبيرا لعمليات السرقة والاحتيال.
واختتم السنوسي تصريحاته، بتساؤل للصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي عن أسباب وقف عمليات المقاصة الإلكترونية في المنطقة الشرقية؟، محذرا من حجم الفساد داخل المصارف الليبية.
اختلاس بمصرف الوحدة
وفي سياق مواز، قال المحلل الاقتصادي وحيد الجبو، إن عملية الاختلاس التي حدثت في مصرف الوحدة تؤثر بالسلب وبشكل كبير على سمعة المصارف الليبية، ما قد يدفع البعض منهم لإقفال حساباتهم وسحب الودائع والانتقال بها إلى المصارف الخارجية والاستثمار بها خارج البلاد.
ورجح الجبو، في تصريحات نقلتها منصة صفر، أن قرار التجميد قد يؤثر على المقاصة المصرفية لضعف ثقة المركزي في بعض المصارف التجارية من جهة، وانهيار الثقة بين رجال الأعمال والمصارف من جهة أخرى، ما سيدعو التجار للإحجام عن إيداع أرباحهم ويفاقم أزمة السيولة النقدية.
وأمرت النيابة العامة بحبس مسئول الحسابات الجارية بفرع المصرف التجاري الوطني بمصفاة الزاوية وملاحقة آخرين متهمين في قضية فساد ارتكبت في الفرع، استولوا بمقتضاها على 4.8 مليون دينار.
وبَانَ للمحقق توجه سلوك أربعة موظفين نحو تسييل صكوك مصرفية مزوَّرة؛ ثم إدخال القيم المالية المقابلة لها في حلقة تحويلات داخلية.
وأوضح بيان للنائب العام، أن هذه الإجراءات ذَلَّلت لهم الاستيلاء على أربعة ملايين و862 ألف دينار؛ وبذلك انتهى المحقق إلى حبس مسؤول الحسابات الجارية في فرع المصرف؛ ووجه بملاحقة بقية المسهمين في الواقعة.