أبدت الأوساط القبلية في شرق ليبيا قلقا متزايداً، دفعها للتعبير عن مواقف غاضبة، من توسع نفوذ المواطن الأمريكي حفتر وسيطرة مليشياته، مطالبة أبنائها بـ”المساواة”، خاصة مع سعي حفتر إلى إعادة هيكلة بناء قيادته من عناصر موالية له تنتمي لقبيلة الفرجان التي ينحدر منها.

وذكرت “العربي الجديد” أن في آخر تلك المواقف مطالبة قبيلة المنفة بطبرق، خلال اجتماع ضم قياداتها مع حفتر بتوضيح ما وصفته بـ”المشاريع الغامضة” في المنطقة الحدودية الشرقية مع مصر، حيث يعيش أبناء المنفه.

وتزامن إطلاق تلك المشاريع مع أنباء عن إنشاء قاعدة عسكرية بالمنطقة، ما أثار مخاوفهم من ارتباط تلك المشاريع بأهداف سياسية خارجية وليس بقصد التنمية.

وعبر المجتمعون، بحسب فيديو أظهر جزءا مما جرى التداول بشأنه خلال الاجتماع، عن رفضهم لإجراءات حجز مليشيات حفتر لمساحات واسعة من أراضيهم وضمها لمشاريع ترفع “شعار التنمية” دون استشارتهم وإشراكهم فيها، إضافة لنشر عدد من النقط والحواجز الأمنية في المنطقة، معتبرين ذلك إهانة لهم.

وفيما لم يصدر أي رد من جانب حفتر، خرج عدد من النشطاء الموالين له من مدينة طبرق عبر وسائل إعلام محلية للتأكيد على ولاء طبرق للمواطن الأمريكي، لكن الناشط عقيلة الأطرش، المطلع على تفاصيل الاجتماع، أكد أن هدفه كان للتشاور حول موقف القبيلة وأهل طبرق من تصرفات وممارسات الفرق الأمنية التابعة للكتيبة 106 التابعة لنجل حفتر، خالد، والمكلفة بتأمين طبرق.

وقال الأطرش في حديثه لـ”العربي الجديد” إنه منذ أن افتتح خالد معسكرا لكتيبته في طبرق نهاية عام 2022 باتت سيطرة فرقه الأمنية تتزايد، وتمارس صلاحيات مطلقة دون الرجوع للمجلس البلدي أو مديرية أمن طبرق، وآخرها الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في المنطقة بحجة ضمها لمشاريع التنمية والبناء التي يقودها نجل حفتر الآخر بلقاسم الذي يترأس صندوق الإعمار بالمنطقة الشرقية.

واستبعد الأطرش أن يقدم حفتر على اعتقال مشاركين في الاجتماع القبلي في طبرق، مرجحا أنه سيلجأ لسياسة التجاهل، في الوقت الذي سيحاول فيه تحريك أنصاره في المنطقة لإظهار الولاء له.

ولفت إلى أنه إجراء سبق أن تعامل به حفتر مع قبيلة الدرسة التي نظمت اجتماعات علنية للمطالبة بالكشف عن مصير ابنها عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي الذي اختفى في بنغازي منذ منتصف مايو الماضي.

واستدرك الأطرش بالإشارة إلى أنه إذا شكلت تحركات أي قبيلة خطرا مباشرا عليه فيستخدم العنف كما هو الحال مع قبيلة البراغثة التي اعتقل العشرات من أبنائها وأغلق بنغازي لأسبوع كامل إثر أحداث اعتقال وزير الدفاع السابق المهدي البرغثي في أكتوبر الماضي قبل أن تتبلغ قبيلته بمقتله.

وتعد هذه القبائل من أكبر قبائل شرق البلاد، إضافة لقبيلة العبيدات، حيث تتقاسم النفوذ كل في رقعة انتشارها وتعتبرها وفق التقليد الموروث “أمراً مقدساً ومرتبطاً بتاريخها”، بحسب تعبير الأطرش، الذي يرى أن حفتر أصبح هو الآخر يهتم بهذا الأمر “مدركاً خطورته، فمنذ أشهر وهو يصدر القرارات لإقصاء الشخصيات التي تتحدر من قبائل قد تشكل له قلقاً ويعين بديلا عنها شخصيات من قبيلته (قبيلة الفرجان)، ومنها تعيين أولاده قادة لأقوى مليشياته كصدام قائد القوات البرية وخالد قائد القوات الأمنية.

وبعد سنوات من قيادته لمليشيات اللواء طارق بن زياد ثم تكليفه آمراً لعمليات القوات البرية، أعلنت قيادة حفتر تسلم صدام حفتر رئاسة أركان القوات البرية مطلع يونيو الجاري، وتم ضم كل المليشيات المنتشرة في وسط وجنوب البلاد لأمرته.

ونهاية العام الماضي أصدر حفتر قرارا بإنشاء رئاسة جديدة أطلق عليها “رئاسة أركان الوحدات الأمنية” وعيّن نجله الآخر آمراً لها وضم كتيبتي “خالد بن الوليد” و”106″ المنتشرتين في أغلب مناطق الشرق الليبي إلى رئاسته.

وفي آخر إجراءات حفتر الهادفة لإحاطة نفسه بشخصيات من قبيلته، عيّن زوج ابنته أيوب الفرجاني سكرتيراً خاصاً لديه، بديلاً من اللواء خيري التميمي، إضافة لابن عمه أيوب الفرجاني قائد “الكتيبة 166” آمراً لحرسه الخاص.

ولفت الأطرش إلى أن إجراءات حفتر الأخيرة تعني في الثقافة القبلية إقصاء لها، مشيراً إلى أن “الوضع الحالي مرتبط بأسباب أخرى سابقة جعلت تلك القبائل تنظر لحفتر كخائن استخدم أبناءها وقوداً لحروبه ليصل إلى مكانته الحالية من دون أن يشركها في الحكم، وهو ما قالته قيادات في قبيلة البراغثة عندما استخدمها في بنغازي وأقصاها، وكذلك قبيلة المغاربة في أجدابيا عندما استخدمهم في السيطرة على الهلال النفطي واستبعدهم، ولذا الآن الشراكة في المشاريع التنموية هو عنوان المطالب.

Shares: