أثار أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، جدلاً واسعاً بتصريحات خطيرة حول ما وصفه بفساد مالي كبير في أعلى مستويات حكومة الدبيبة.

وزيرة بحكومة الدبيبة قامت بشراء فيلتين بـ12 مليون دينار

وقال حمزة عبر منشور له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”،إن “وزيرة في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة قامت قبل العيد بأيام قليلة بشراء فيلتين بقيمة 12 مليون دينار في منطقة حي دمشق”.

وأضاف أن عملية الشراء تمت لصالح الوزيرة وشقيقها، الذي وصفه بأنه “المحرك الفعلي للوزارة”.

وأكد رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن لديه وثائق تثبت عملية الشراء، بما في ذلك “عرض وإجراءات الشراء والمخالصة المالية” بين المالك والوزيرة، ووعد بنشر هذه الوثائق في وقت لاحق.

وتساءل حمزة عن مصدر الأموال المستخدمة في عملية الشراء، مشيراً إلى معرفته السابقة بممتلكات الوزيرة ومكان إقامتها خارج طرابلس. ووصف الحالة بأنها جزء من “الفساد المستشري في البلاد”.

كما اتهم حمزة الوزيرة بصرف مبلغ ملياري دينار ليبي في وزارتها العام الماضي، مدعياً عدم وجود أثر لهذه الأموال على أرض الواقع في الجهات التابعة للوزارة.

اتهامات خطيرة

هذه الاتهامات الخطيرة تأتي في وقت تعاني فيه ليبيا من أزمات سياسية واقتصادية متعددة، وتثير تساؤلات حول آليات الرقابة والمحاسبة في مؤسسات الدولة الليبية.

وتحصلت ليبيا على المركز 170 من أصل 180 دولة مدرجة في مؤشر مدركات الفساد الدولي، نشرته منظمة الشفافية الدولية.

وذكر موقع ميدل إيست مونيتور، إن احتلال ليبيا المركز 170 في قائمة تضم 180 دولة شملها استطلاع مؤشر الفساد الدولي يكفي لكشف حجم الفساد والفوضى المنتشرة في ليبيا.

ووصف مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة ذات مرة الصراع في ليبيا بأنه يدور حول الثروة فقط وله جذور اقتصادية مما يعني أن المظاهر السياسية للصراع في البلاد لا تؤدي إلا إلى إخفاء حقيقة أن الأمر كله يدور حول المال.

ليبيا تحتل المركز 170 في قائمة تضم 180 دولة بمؤشر الفساد الدولي

وأضاف سلامة أن النظام برمته يقوم على “الفساد ونهب” ثروات البلاد من قبل النخبة السياسية دون استثناء، وتابع: “قد رأيت بأم عيني تهريب الوقود إلى تونس، أرى مليونيرا جديدا في ليبيا كل يوم، كما أن ليبيا لديها النفط والغاز مثل الكويت ولكن الليبيين يعيشون مثل الصوماليين”.

وأوضح الموقع أن تهريب النفط يعد أحد عوامل تمكين الفساد الرئيسية في البلاد رغم كونها أحد أكبر منتجي النفط إلا أن ليبيا تفتقر إلى القدرة الكافية لتكرير النفط لإنتاج ما يكفي من المنتجات النفطية لتلبية احتياجات السوق المحلية، وهذا الوضع غير المستقر يجبر الحكومة على إنفاق مليارات العملة الصعبة على استيراد مثل هذه المنتجات بما في ذلك البنزين والديزل.

وتشير أحدث الأرقام إلى أن البلاد في عام 2022، استوردت ما قيمته 5.27 مليار دولار من المنتجات البترولية، وتم بعد ذلك بيع معظم هذه المنتجات في السوق المحلية بأسعار مدعومة للغاية مما يسهل تهريبها إلى البلدان المجاورة مثل تونس.

وأوضحت بعض التقديرات أن ما يقرب من 40% من الوقود المستورد المدعوم يتم تهريبه إلى تونس وحتى بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا، حيث يبلغ سعر لتر البنزين حوالي 2.10 دولار مقارنة بليبيا وفي تونس حيث يذهب معظم الوقود المهرب يصل السعر إلى 0.21 دولار ويعتبر البنزين تجارة مربحة للغاية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات كل عام.

ورغم السنوات الطويلة من عدم الاستقرار والحروب الصغيرة بين الحين والآخر هنا وهناك فإن تكلفة المعيشة في ليبيا لا تزال أرخص بنحو 25% من تونس رغم أن تونس أكثر استقرارا ولم تخض حربا قط في نفس الفترة، وهذا يجعل التهريب بمثابة شريان حياة للعديد من التونسيين بينما يثري القليل من الليبيين.

النائب العام الصديق السور

وأضاف أن الكثير من الليبيين يشاركون في سرقة بلادهم كلما سنحت لهم الفرصة، وفي الواقع يبدو أن عامة الناس في البلاد غير مبالين بمرض الفساد رغم التقارير المالية اللاذعة التي نشرها ديوان المحاسبة في البلاد، والذي يشرف على الإنفاق الحكومي في جميع أنحاء ليبيا فتقرير العام الماضي على سبيل المثال اتهم جميع الإدارات الحكومية تقريباً بما في ذلك البرلمان بإسراف الإنفاق والفساد.

وبحسب الموقع فإن النائب العام الصديق السور كان منشغلاً بالتحقيق في الفساد الحكومي في جميع أنحاء البلاد لكن عمله حتى الآن فشل في ردع المزيد من الفساد، خاصة في الحكومة التي تعتبر الأكثر خطورة للفساد في تاريخ ليبيا ويعتقد العديد من الليبيين والأمم المتحدة أن عبد الحميد دبيبة دفع ثمن الأصوات للحصول على المنصب الأعلى في عام 2021 .

وأوضح أن أحد الآثار الضارة والمدمرة للفساد هو فقدان الثقة بين الشعب وحكومته ومؤسساته وعندما يصبح الفساد مقبولا في أعلى الدوائر الحكومية كيف يمكن إلقاء اللوم على شخص صغير في مجلس بلدي غامض لسرقة بضعة آلاف.

Shares: