أعادت حادثة اختفاء عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي، في مايو الماضي، دور القبيلة الاجتماعي إلى صدارة المشهد السياسي في ليبيا، نتيجة تحرك القبائل للدفاع عن أبنائها.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط أن قبيلة الدرسة، التي ينتمي إليها النائب المخطوف تمارس ضغوطا على قوات المنطقة الشرقية لكشف مصيره، وسط جدل بشأن دور القبيلة عموما في الحياة السياسية والاجتماعية ومدى تأثيره في الأحداث.
وقال رئيس حزب «تجمع تكنوقراط ليبيا» أشرف بلها، إن «التفاعل القوي» لقبيلة الدرسة عبر إلقاء البيانات الإعلامية ومقابلة المسؤولين والتلويح بالتصعيد، يؤكد أن دور القبيلة بالمجتمع «لم يختفِ كما كان البعض يعتقد».
وأوضح بلها للصحيفة أن هذا الدور قد يخفت أحيانا، وربما لا يشعر به أحد لفترات، لكنه يعاود الظهور بسرعة إذا ما تعرّض أحد أبناء القبيلة، وتحديدا البارزين منهم، لأي مكروه.
وأضاف أن «نظرة القبيلة لأي اعتداء يطول أبنائها يعد بمثابة نيل من مكانتها وهيبتها وسط بقية القبائل، خاصة إذا كان العضو المستهدف يتولى منصبا رفيعا.
وأشار إلى استمرار متابعة قبيلة العبيدات بالمنطقة الشرقية، لملف مقتل نجلها اللواء عبد الفتاح يونس خلال مجريات ثورة 17 فبراير 2011.
وكان يونس رئيس أركان «جيش التحرير الوطني» الليبي خلال «ثورة فبراير»، ووزير داخلية ليبي سابق بعهد الشهيد القائد معمر القذافي، قد لقي حتفه مع اثنين من مرافقيه في ظروف غامضة لم يُكشف عنها بعد.
وقال بلها إن تنظيم قبيلة المقارحة في مدينة سبها جنوب البلاد ينظم مظاهرات عدّة على مدار السنوات الخمس الماضية، للإفراج عن نجلها رئيس الاستخبارات في عهد الشهيد القذافي، عبد الله السنوسي؛ نظراً لتدهور حالته الصحية رغم خضوع ملفه للقضاء.
وواصل: «بالمثل، هناك اجتماعات قبيلة القذاذفة مع المسؤولين في البلاد لحضّهم على متابعة قضية الكابتن هانيبال القذافي المحتجز في لبنان منذ 2015، ومن قبلها لقاءاتهم بشأن الإفراج عن شقيقه الساعدي القذافي، وهو ما تحقق في سبتمبر 2021».
وفي تطرقه لقضية القذاذفة، سلّط بلها الضوء على أن الكشف عن موقع قبر الشهيد القائد معمر القذافي صار يتقدم اشتراطات القبيلة وعموم أنصار النظام السابق، للمشاركة بأي مؤتمرات تعقد في إطار المصالحة الوطنية».
ورغم مرور 13 عاما على مقتله بمسقط رأسه بمدينة سرت، لا تزال قبور الشهيد القذافي ونجله المعتصم الذي قضى معه، ووزير دفاعه أبو بكر يونس مجهولة.
إلا أن بلها قلل «من قدرة أي قبيلة على التصعيد بدرجة تؤثر على قرار السلطات بعموم البلاد لدرجة تجبرها على تنفيذ مطالبها على نحو عاجل».
وأوضح أن التصعيد عادة يتم بنطاق الضغط الاجتماعي والإعلامي؛ وذلك بالمتابعة المكثفة مع الأجهزة الرسمية وتوالي البيانات والتصريحات الإعلامية بشأن الحادثة للضغط على تلك الأجهزة لتسريع عملها».
ومنذ اختفاء الدرسي في الـ18 الشهر الماضي، ولم تتوقف الفعاليات واللقاءات التي تنظمها قبيلته للتنديد بخطفه.
ومن ناحية أخرى، قال رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، إن واقعة اختطاف عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، تسلط الضوء على وجود ما لا يقل عن 2000 إنسان مخفي قسريًا ومصيرهم يعد مجهولاً، تحولوا من مرحلة الاختطاف إلى مخفيين قسريًا.
وأشار حمزة، في تصريحات نقلها موقع “إرم نيوز” الإماراتي، إلى وجود مواقف متكررة وبيانات مستهلكة دون اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يقومون بجرائم الإخفاء القسري وهي من أخطر الجرائم في التصنيفات الدولية، خاصة عندما تصبح عملاً ممنهجًا.
وأضاف أن أسباب تنامي هذه الظاهرة يعود إلى الإفلات من العقاب، وغياب الأمن واستمرار الفوضى، والسبب الثالث هو غياب الدعم الدولي لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم.
ولفت إلى غياب الجدية لإنهاء هذه الظاهرة سواء على الصعيد الدولي أو المحلي، وحتى البيانات التي صدرت، الآن، لرفع الحرج عن مصدريها فقط، على حد تعبيره.
وشدد على ضرورة تعزيز سيادة القانون، ووضع حد لسياسة الإفلات من العقاب، وتولّي المحكمة الجنائية الدولية التحقيق بالتعاون مع السلطات المحلية.