انتقد معهد الشرق الأوسط الأمريكي، في تقرير صدر أخيرًا، السياسات الأوروبية المناهضة للهجرة بالاستعانة بثلاث دول منها ليبيا لمراقبة الحدود، معتبرا أنها تعزز نشاط الجريمة والانتهاكات التي يرتكبها المهاجرون، ما يعكس فشل شركاء أوروبا المحليين في تحقيق هدفهم الأصلي في وقف تدفقات اللاجئين.

وأوضح الباحث المتخصص في الجريمة المنظمة، غيوم سوتو مايور، في تقرير له في معهد الشرق الأوسط الأمريكي، أن التمويل المقدم من بروكسل منذ العام 2016 للحكومات الليبية والنيجرية والتونسية من خلال الصندوق الائتماني للطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي يسبب آثارًا ضارة فيما يتعلق بسياسة الهجرة.

وأكد تمويل بروكسل قوات الأمن في هذه البلدان الثلاثة، ولا سيما خفر السواحل الليبي والتونسي، لمنع المهاجرين من الوصول إلى السواحل الأوروبية.

وكشف المعهد الأمريكي عن تخصيص مبلغ بقيمة 800 مليون يورو لوزارة الداخلية الليبية وذراعها التشغيلية، مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي تدير 10 مراكز احتجاز رسمية.

ويبين التقرير أن مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي تديرها المليشيات الليبية يجري تمويلها في كثير من الأحيان من قبل الحكومات الأوروبية، ولمدة عشر سنوات، كان السجن والعمل القسري والتعذيب والابتزاز هو السمة المميزة لهذه الصناعة الإجرامية، وبعض الجهات الفاعلة فيها هم المحاورون من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية.

واستعرض المصدر فشل هذه السياسة في الحد من قوافل الهجرة في ليبيا، كما هو الحال في تونس والنيجر، في حين أسهمت في رفع عدد الوفيات في البحر الأبيض المتوسط، وهذا يعني 25 ألفًا منذ العام 2014.

ويوضح أن هذه السياسة تقوم على رواية كاذبة عن «الاستقرار» والتي أثبتت عدم فعاليتها، كما يتضح من عدم الاستقرار والعنف في المنطقة، «والأسوأ من ذلك هو أن الأولوية الأوروبية للمبادرات الأمنية أدت إلى تفاقم محنة المهاجرين، مما تسبب في زيادة في الوفيات والانتهاكات على طول طرق الهجرة» وفق المعهد.

ويضيف: «لقد دعمت المبادرات الممولة من الاتحاد الأوروبي الأنظمة الاستبدادية والشبكات الإجرامية، مما قوض الجهود المبذولة لمواجهة تحديات الهجرة».

بالنسبة لغيوم سوتو مايور، فإن الاستعانة بمصادر خارجية لمراقبة الحدود، من خلال الانتهاكات التي يرتكبها شركاء أوروبا المحليون، بمن في ذلك المجرمون، لم ينتهك القيم التي يدافع عنها الاتحاد الأوروبي فحسب، بل انتهك أيضًا القواعد والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الدول الأعضاء.

وينفق المجتمع الدولي لصالح دول شمال أفريقيا والساحل المليارات من اليورو كمساعدات تنموية وعسكرية لمساعدتها على احتواء تدفقات الهجرة ومكافحة الإرهاب لكن «الانقلابات الأخيرة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو»، واستمرار العنف في ليبيا، سلط الضوء على فشل هذه الجهود في تحقيق الاستقرار.

ووصل 266 ألفًا و940 مهاجرًا ولاجئًا العام 2023، إلى دول جنوب أوروبا (إسبانيا وإيطاليا واليونان ومالطا وقبرص)، 97% منهم عن طريق البحر.

ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 67% مقارنة بالوافدين المسجلين في العام 2022، وجزء كبير منهم من تونس، وبحسب مركز الهجرة المختلطة نقلاً عن المنظمة الدولية للهجرة، فإن «1417 حالة وفاة أو اختفاء وقعت في وسط البحر الأبيض المتوسط في العام 2022، غالبيتها قبالة السواحل الليبية والتونسية».

Shares: