أصبحت القارة الأفريقية ساحة جديدة للصراع الجيوسياسي بين روسيا والقوى الغربية، حيث تسعى موسكو لاستعادة نفوذها العالمي كقوة عظمى في نظام متعدد الأقطاب، وتعزيز طموحاتها في مجالات التعدين والطاقة، والوجود العسكري في مناطق رئيسية، مثل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.

وفي مقابلة خاصة مع موقع “الوئام”، كشف المحلل السياسي التشادي، عمر المهدي بشارة، عن تفاصيل هذا التنافس الذي يمتد من الدبلوماسية إلى الوجود العسكري.

وأكد أن روسيا تكثف جهودها الدبلوماسية عبر قمم روسيا-أفريقيا، موضحًا أن الجولة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في أفريقيا تؤكد عمق العلاقات مع دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ويشير بشارة إلى الملف العسكري يتصدر الإستراتيجية الروسية، مع قاعدة ضخمة في أفريقيا الوسطى تضم 10 آلاف جندي، مؤكدًا خطط موسكو لإنشاء قواعد بحرية في طبرق وسرت، في تحدٍ صريح للغرب الذي يسعى لإنشاء فيلق عسكري مضاد تحت عنوان “الفيلق الأفريقي”.

ويرى المحلل، أن الصراع في أفريقيا هو امتداد للحرب في أوكرانيا، مستشهداً بزيارة لافروف لتشاد وتوقيع اتفاقيات تقوض النفوذ الفرنسي.

ويختتم بأن روسيا تستغل مشاعر معاداة الاستعمار لدى الأفارقة، مقدمةً الدعم والسلاح، لكنه يحذر من أن دولًا كالسودان وليبيا أصبحت ضحايا لهذا الصراع، متوقعاً مزيداً من الاضطرابات والانقلابات.

وتسعى روسيا لتوسيع نفوذها العسكري في القارة السمراء، ومنحه شرعية الوجود الرسمي والعلني في مواجهة الحضور الأوروبي والأمريكي، وذلك من خلال تدشين فيلق أفريقيا.

وكشف عن «فيلق أفريقيا» العسكري الروسي، مطلع عام 2024 ليكون بديلا عن مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

وتحتضن ليبيا مقره المركزي، بينما يتوزع الفيلق بين 5 دول إفريقية هي ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.

وجاء اختيار ليبيا مقرًا مركزيًا للفيلق لعدة عوامل منها: نشاط عناصر فاغنر سابقا في مدينة سرت التي تبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس.

ومن ضمت عوامل اختيار ليبيا أيضا لتكون مقرا للفيلق، ارتباطها بساحل البحر المتوسط، وهو موقع استراتيجي لضمان خطوط الإمدادات العسكرية وتحركات العناصر التابعة للفيلق إلى الدول الأفريقية الأخرى.

وتتبع إدارة الفيلق الأفريقي، سلطة الإدارة العسكرية الروسية مباشرة، ويشرف عليه الجنرال يونس بك إيفكوروف، نائب وزير الدفاع الروسي.

بينما تتكون النواة الأساسية للفيلق من مجموعات فاغنر، إذ تم دمج عناصر منها في قيادات الصفين الثاني والثالث داخل الفيلق، إضافة إلى مزيد من العناصر في نطاق قوة عسكرية لا تقل عن 40 إلى 45 ألف مقاتل.

Shares: