استنكرت مؤسسة هيومن رايتس ووتش، عملية تصفية الأستاذ الجامعي والناشط السياسي سراج دغمان داخل مقر ما يسمى الأمن الداخلي التابع لحكومة البرلمان، في بنغازي، مطالبة بسرعة إجراء تحقيق فوري ومحايد.

سرعة الإفراج عن المعتقلين

وطالبت المؤسسة الحقوقية، بسرعة الإفراج عن فتحي البعجة، الأستاذ الجامعي، والسياسي طارق البشاري، والصحفي والدبلوماسي السابق ناصر الدعيسي، والناشط السياسي سالم العريبي، ورغم اعتقالهم لم توجه إلى أي منهم اتهامات بارتكاب جريمة معترف بها.

كما حثت “بعثة الاتحاد الأوروبي” والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي” في ليبيا السلطات أيضا على إجراء “تحقيق شامل وشفاف ودقيق ومستقل في الحادث”، ودعت إلى “الإفراج الفوري عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفيا، وجددت التأكيد على أهمية الالتزام بالإجراءات القانونية الواجبة وسيادة القانون في جميع أنحاء ليبيا

وأكدت، في تقرير لها منذ قليل، أن إن محللا سياسيا ليبيا كان محتجزا بشكل تعسفي في شرق ليبيا لمدة سبعة أشهر تقريبا توفي في ظروف مريبة في 19 أبريل  2024، وينبغي للسلطات الليبية إجراء تحقيق فوري ومحايد في وفاة المحلل السياسي الليبي سراج دغمان في ما يسمي بـ”الإدارة العامة للأمن الداخلي – فرع بنغازي”.

واقعة اعتقال دغمان

واعتقل جهاز الأمن الداخلي – فرع بنغازي دغمان إلى جانب فتحي البعجة، الأستاذ الجامعي، والسياسي طارق البشاري، واتهمهم بالتخطيط لـ”إسقاط الجيش”. في أكتوبر، اعتقل الجهاز أيضا الصحفي والدبلوماسي السابق ناصر الدعيسي والناشط السياسي سالم العريبي، واحتجزهما على ذمة القضية نفسها. منذ اعتقالهم، لم توجه السلطات الليبية إلى أي منهم اتهامات بارتكاب جريمة معترف بها.

بدورها، قالت حنان صلاح، المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “السجل المعيب لسلطات شرق ليبيا فيما يتعلق بظروف الاحتجاز المؤسفة والافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة يثير تساؤلات جدية حيال ظروف وفاة دغمان، مطالبة النائب العام في طرابلس التحقيق بشكل عاجل في وفاة دغمان.

رواية قاتلي دغمان

في بيان بالفيديو نُشر في 20 أبريل، زعم جهاز الأمن الداخلي – فرع بنغازي إن دغمان توفي في 19 أبريل بعد “محاولة الهروب من نافذة دورة المياه متسلقا مواسير الصرف الصحي، مما أدى إلى سقوطه من مكان مرتفع على رأسه”.

قال صالح الغزال، جد دغمان، لـ هيومن رايتس ووتش إنه سُمح له بزيارة حفيده أربع بعد احتجازه، وزار المحتجزين الأربعة الآخرين مرتين.

قال، إن الأسرة استلمت جثمان دغمان من “مستشفى الجلاء” في بنغازي في اليوم نفسه الذي توفي فيه، ودفنته في صباح اليوم التالي.

أضاف، أن الحادث أثر على جثة سراج، وأنهم لم يظهروا الجثة بالكامل عندما كانت ليلا في منزل العائلة قبل الدفن، مراعاة لمشاعر العائلة.

جد دغمان

قال الغزال: “أخبرتني السلطات فقط أن سراج حاول الفرار وتوفي جرّاء سقوطه، لا أستطيع تأكيد أو نفي أي شيء آخر عن تفاصيل الفاجعة. أنا من ربّى سراج، وكان مشهدا صعبا ومؤلما للغاية لنا كعائلة رؤيته هكذا، ويصعب علينا احتماله، نطالب كعائلة بأن يكون التحقيق في ظروف وفاة سراج شفافا ونزيها. نحن لا ندين أو نبرئ أحدا دون أساس”.

واعتقل الأمن الداخلي دغمان والبعجة والبشاري في 1 أكتوبر/تشرين الأول بعد مشاركتهما في مناقشات خلال ندوة حول تداعيات انهيار سد درنة على إثر فيضانات كارثية أودت بحياة الآلاف.

كان دغمان يرأس فرع بنغازي من “مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية”، وهو مركز أبحاث ليبي والجهة المنظمة للندوة.

مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

المركز قال في بيان له، إن الاجتماع كان يهدف إلى مناقشة الوضع العام في ليبيا في أعقاب فيضانات شرق ليبيا. البعجة هو رئيس المكتب السياسي لحزب “ليبيا للجميع”، والدعيسي عضو المكتب السياسي، والبشاري أمين عام الحزب، قال الغزال إن دغمان لا ينتمي إلى أي حزب أو جماعة.

بحسب تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الليبية، اعتُقل الرجال بعد شكوى قدمها شخص حضر الندوة، نفى الغزال بشكل قاطع أي ادعاءات ضد حفيده، قائلا إنه “ضحية لشكوة كيدية”.

في الفيديو الذي بثه جهاز الأمن العام في 20 أبريل/نيسان، زعم المتحدث الرسمي أن اعتقال دغمان جاء على إثر تنظيمه اجتماعات بهدف إسقاط المؤسسات السياسية والقوات المسلحة العربية الليبية.

قال جد دغمان لـ هيومن رايتس ووتش، إنه كان يعلم أن جهاز الأمن الداخلي استجوب سراج، ولا علم له إن كان قد استجوب من قبل النيابة العامة أم لا.

تقاعس السلطات الليبية

أدى تقاعس السلطات الليبية عن اتهام الرجال بارتكاب جرائم معترف بها إلى احتجازهم تعسفيا لمدة سبعة أشهر تقريبا.

وحثت “بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا” السلطات “على إجراء تحقيق شفاف ومستقل في الظروف المحيطة بوفاة سراج.
وذكّرت بأنه “دغمان”اعتُقل واحتُجز تعسفيا منذ مطلع أكتوبر 2023 بمعية كل من فتحي البعجة وطارق البشاري ولم يتم لحد الآن توجيه تهم إليهم كما لم يمثلوا أمام المحكمة”. ودعت “إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم”.

كان أصدقاء وأقارب الرجال قد أعربوا سابقا عن قلقهم بشأن ظروف احتجازهم، محذرين من أن البعجة لديه أمراض قلب وكلى تتطلب رعاية طبية متخصصة.

نظام العدالة الجنائية في ليبيا هش

قالت هيومن رايتس ووتش إن نظام العدالة الجنائية في ليبيا هش، مع وجود مخاوف جدية بشأن الإجراءات القانونية الواجبة.

ويتعرض القضاة والمدعون العامون والمحامون لخطر المضايقات والاعتداءات على يد الجماعات الجماعات المسلحة، بينما تواصل المحاكم العسكرية محاكمة المدنيين، يُحتجز عشرات الأشخاص في جميع أنحاء ليبيا لفترات طويلة بدون محاكمة في سجون تديرها الميليشيات، وتخضع اسميا لسيطرة السلطات، تنتشر الظروف اللاإنسانية، بما في ذلك الاكتظاظ الشديد والتعذيب وسوء المعاملة، في بعضها.

Shares: