فى الوقت الحالي، فقدت واشنطن إحدى أهم ركائزها الإستراتيجية
لتنفيذ عمليات استخباراتية تستهدف الجماعات المسلحة في جنوب ليبيا وفي أنحاء منطقة الساحل،
بعد إعلانها القبول بقرار الانسحاب من النيجر بحسب متابعين،
والمعروف أن ذلك يأتي في وقت تعمل فيه روسيا على زيادة نفوذها عبر الترتيب
لنشر الفيلق الأفريقي بحلول الصيف.
وبعد ما يزيد على أربعة أشهر من الرحيل القسري للجنود الفرنسيين من النيجر،
إحدى الدول المتاخمة للجنوب الليبي، يعكس الإعلان عن انسحاب الجنود الأمريكيين فشل الإستراتيجية العسكرية الدبلوماسية التي تقودها واشنطن،
وفق ما يؤكده مراقبون.
انحياز لروسيا
ومنذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، حاولت الولايات المتحدة التفاوض على الحفاظ على وجودها مع النظام العسكري للجنرال عبد الرحمن تياني،
الذي انحاز إلى روسيا مثل نظرائه في مالي وبوركينا فاسو.
ففي الـ10 من أبريل الماضي وصل نحو مائة مدرب من الفيلق الأفريقي،
وهو التسمية الجديدة للوجود شبه العسكري الروسي في منطقة الساحل، إلى نيامي.
وستكون المهمة الرسمية لهؤلاء الرجال تدريب جيش النيجر،
ولا سيما على استخدام نظام دفاع مضاد للطائرات توفره روسيا.
ومن المتوقع أن تفقد الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى قاعدة حيوية للطائرات دون طيار في النيجر،
والتي تستخدمها لمحاربة “داعش” و”القاعدة” في منطقة الساحل،
علمًا أن النيجر بها 3 قواعد عسكرية،
هي: القاعدة الجوية 201 في شمال النيجر بأغاديس، والقاعدة الجوية 101 في نيامي،
وقاعدة ديركو القريبة من الحدود الليبية التابعة لوكالة المخابرات المركزية.
الخبير في الشؤون الأفريقية إبراهيم زين كونجي، كشف لـ “إرم نيوز”، أن القواعد الأمريكية داخل النيجر كان يرتكز نشاطها على مراقبة الجماعات المسلحة في الجارة ليبيا بعد أحداث عام 2011 ،
ووقتذٍ كان هناك تسريب وتهريب أنواع من الطائرات وصواريخ متطورة منها سام 7،
موضحًا أن القيادات العسكرية الأمريكية لم تتعامل مع السلطات العسكرية في النيجر كدولة ذات سيادة وهو ما وقعت فيه فرنسا وعجّل برحيلها أيضًا.
وتابع الخبير أن وراء نشر “الفيلق الأفريقي” مخاوف النيجر من تحرك من جانب فرنسا أو الولايات المتحدة للانتقام،
حيث وصلت وحدة عسكرية وأجهزة مضادة للطيران مؤخرًا لحماية المجلس العسكري في النيجر.
وكشف الجنرال البحري مايكل لانغلي، رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا،
أن التصاريح الدبلوماسية السابقة للطلعات الجوية العسكرية في النيجر “تم رفضها مؤخرًا أو لم يتم الرد عليها؛.
ما اضطرَّنا إلى تمديد عمليات الانتشار في بعض الحالات” وفق قوله.
واتجهت الدول الأفريقية، بما فيها ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي نحو روسيا للحصول على المساعدة الأمنية.
الحاجة للأسلحة
وقال مسؤول أمريكي كبير لمجلة “بوليتيكو” إنّ “الميزة الحقيقية التي يتمتع بها الروس على الولايات المتحدة أن لديهم أسلحة، ويبيعون الأسلحة، بما في ذلك طائرات الهليكوبتر،
وهم يبيعون الأسلحة الصغيرة، وهناك الكثير من التحديات الأمنية في أفريقيا والأفارقة بحاجة إلى الأسلحة” وفق تعبيره.
وفي السياق، تداولت تقارير أمريكية معلومات حول تقدم الحكومة التشادية بطلب رسمي
لإنهاء اتفاقيات التعاون العسكري بين واشنطن ونجامينا، وهي دولة أيضًا حدودية مع ليبيا.
ويحظر القانون الأمريكي على واشنطن تقديم الأموال للحكومات الانقلابية، بما في ذلك النيجر،
حيث تنص إستراتيجية إدارة بايدن على محاولة إشراك الحكومات الانقلابية والتفاوض على خرائط الطريق والجداول الزمنية لإجراء انتخابات ديمقراطية.
لكن الزعماء الأفارقة، الذين يقولون إنهم يريدون الحفاظ على العلاقات مع واشنطن،
رفضوا إلى حد كبير الاقتراحات التي تدعو إلى تبني النظام الديمقراطي بشكل كامل.
وفي مارس الماضي، اتهم الجنرال لانغلي أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الأمريكي روسيا
بالسعي إلى استعادة السيطرة على وسط أفريقيا ومنطقة الساحل بوتيرة متسارعة.
وقال “إن روسيا الاتحادية على وشك الاستيلاء على عدد من الدول من خلال التضليل الذي تنشره”
مضيفًا أنّ “هذه هي الخاصرة الجنوبية لحلف الناتو،
ويجب أن نكون قادرين على ضمان وصولنا ونفوذنا والحفاظ عليه في جميع أنحاء المغرب العربي” وفق تعبيره.
المصدر | إرم نيوز