أكد تقرير نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي أمس الجمعة أن أزمة الاتجار في البشر من ليبيا تسير صوب “الاتجاه الخاطئ”.
وأضاف التقرير أنه على الرغم من الجهود المبذولة، والموارد التي يخصصها المجتمع الدولي لحل الأزمة، فإنها ليست فعالة بما يكفي لإحداث تغيير على المدى الطويل.
وأشار إلى أنه من المستحيل تقريبا القضاء على أنشطة الاتجار في البشر من ليبيا مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد، مؤكدا أن وضع ليبيا كدولة فاشلة يسهم في إطالة أمد الأزمة.
وفي تقرير أعدته سكايلر واتكينز، لفت إلى فشل السلطات بليبيا في التعامل مع أنشطة الاتجار بالبشر على الرغم من مساعي السلطات المحلية لمحاربة تلك الأنشطة في أنحاء البلاد.
وتابع التقرير أن غياب قوات إنفاذ القانون، إلى جانب حدود البلاد الشاسعة وغياب السيطرة الكاملة عليها يمثل عراقيل رئيسية أمام مكافحة الاتجار بالبشر، حسب التقرير الذي أشار إلى محدودية قدرات وزارة الداخلية في التعامل مع الأزمة.
مضيفا أنه على الرغم من إصدار وزارة العدل ومكتب النائب العام مذكرات اعتقال بحق بعض المتورطين في الاتجار بالبشر، فإن الإمكانات المحدودة لأجهزة الشرطة والأمن عرقلت قدرة الحكومة على ملاحقة المتورطين.
وقال التقرير أن قانون العقوبات الحالي لا يوفر التدابير الوقائية والحمائية الكافية ضد أنشطة الاتجار في البشر. وتجرم بعض مواد القانون أشكالا معينة من الاتجار، وتضع عقوبة قد تصل إلى عشر سنوات، لكنها لا تجرم الأشكال الأخرى من الاتجار، بما فيها الاتجار بالعمال أو الاتجار بالجنس الذي يحدث عن طريق وسائل قسرية أو احتيالية.
ويؤكد التقرير الأميركي أن تداعيات أنشطة الاتجار في البشر لا تقتصر على الضحايا الأفراد فحسب، بل تقوض حكم القانون، وتهدد الأمن الوطني والهيكل الاقتصادي للبلاد.
ولفت إلى أن أنشطة الاتجار بالبشر تدر أرباحا سنوية في الاقتصاد الخاص تزيد قيمتها على 150 مليار دولار، لذلك تعد من أسرع الأنشطة الإجرامية نموا، وواحدة من أكبر الصناعات غير النظامية في العالم، محذرا من أن مثل تلك الأنشطة غير النظامية تمنع الأسواق المفتوحة من الازدهار، وتنطوي على عمليات لتحويل الأموال إلى المنظمات الإجرامية والإرهابية، مما يعزز الفساد، ويعرض النظام السياسي الليبي للخطر.
وأكد التقرير أن ظاهرة الاتجار في البشر تمثل أزمة خطيرة بالقارة الأفريقية بشكل عام، إذ تشير الإحصاءات إلى وقوع 3.7 مليون شخص ضحية العمل القسري، وأكثر من 400 ألف ضحية الاستغلال الجنسي، 99% منهم من النساء والفتيات. وتشكّل منطقة شمال أفريقيا منطقة جذب خاصة لأنشطة الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر بالنظر إلى قربها الشديد من أوروبا.
وأضاف أن الولايات المتحدة خصصت بالعام 2022 أكثر من 225 مليون دولار لمشاريع مكافحة الاتجار، غالبيتها يدار من داخل ليبيا، لكن هذا التدخل لم يسهم في مكافحة الأزمة، حيث فشلت ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية في القضاء على الظاهرة.
وأرجع تقرير المعهد الأميركي ازدهار أنشطة الاتجار في البشر من ليبيا إلى الفوضى التي أصابت الحكومة والنظام السياسي منذ العام 2011 .
كما أشار إلى فشل المساعي المبذولة لحل الأزمة السياسية، وتشكيل حكومة موحدة من أجل تعزيز السلام في البلاد خلال السنوات الماضية.
وأوضح التقرير أن المساعي الدولية والأممية لم تفلح في إجراء الانتخابات حتى الآن نتيجة الاختلافات بين الأطراف الرئيسية، خصوصا بشأن القوانين الانتخابية، مما أسهم في تأجيج التوترات بين الفاعلين السياسيين.
واختتم التقرير الأمريكي “من المستحيل تقريبا الوقوف على الحجم الكامل لأنشطة الاتجار في البشر من ليبيا. كما أن انعدام الاستقرار السياسي والعنف لم يمنعا البلاد من معالجة أزمة الاتجار في البشر فحسب، بل أسهما في إطالة مد الأزمة”.