كشف المبعوث الأميركي السابق إلى ليبيا جوناثان واينر، عن تحذيراته من نوايا روسيا في ليبيا، ومساعيها لـبناء قاعدة بحرية على ساحلها الشرقي، معتبرا أن هذا التطور خطر على الأمن القومي الأميركي إلى درجة أنه يجب أن يحظى باهتمام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وفي مقال تحليلي مطول نشره معهد الشرق الأوسط أمس الخميس، تحدث واينر عن الدور الذي لعبته روسيا في دعم خليفة حفتر، معرجا على إخفاق الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية، وغياب الولايات المتحدة عن لعب دور فعال في المشهد.

و طالب واينر، باستغلال الخلاف بين نجل حفتر صدام الذي يحظى بدعم موسكو، وأخيه الأكبر سنا خالد الذي تدعمه الإمارات، متابعا أنه في هذه الصراعات يمكن تستغلها الولايات المتحدة، لافتاً الفشل المستمر لبعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا منذ تأسيسها عقب أحداث فبراير، التي لم تتمكن سوى من تحقيق أهداف محدودة، مشيرا إلى استمرار حالة الانقسام السياسي في ليبيا.

ولفت واينر إلى أن استقالة رئيس البعثة السنغالي عبدالله باتيلي من منصبه تعني أن الجهود الأممية لإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية في البلاد وصلت إلى طريق مسدود، مضيفا أن فرص النجاح في هذا الملف على المدى القريب معدومة.

 

وأشار إلى إحاطة باتيلي الأخيرة التي حمل فيها الأطراف الأساسية في ليبيا مسؤولية الإخفاق وعدم تلبية رغبة الليبيين في الانتخابات، كما عرج على ملف المقاتلين الأجانب والمرتزقة قائلا إن خروجهم من ليبيا يتطلب اتحاد أعضاء مجلس الأمن وراء هذا الهدف.

 

ويرى واينر أن روسيا هي الجهة الفاعلة الأكثر فعالية في الأزمة الليبية على مدى عقدين من الزمن، مشيرا إلى تزويدها حفتر ومجلس النواب والحكومات التي تشكلت شرق البلاد بمليارات الدنانير التي وصفها بـالمزيفة.

 

وعاد للحديث عن نقطة إخراج المرتزقة، قائلا إنه ما دام الرئيس فلاديمير بوتن يقود روسيا، فلا يمكن انتظار نجاح هذا المسعى، لافتا إلى الدعم الروسي لحتفر بمساعدات عسكرية واستخباراتية عبر مجموعة فاغنر، وهو ما شجعه على شن حملة على العاصمة طرابلس في أبريل العام 2019، لم تتوقف إلا بعد تدخل تركي، وأردف أن المقاتلين الروس وقوات حفتر انسحبت من محيط العاصمة مخلفين وراءهم عددًا لا يحصى من الألغام الأرضية والأفخاخ المتفجرة، بما في ذلك الأجهزة المتفجرة المرتبطة بألعاب الأطفال مثل دمى الدببة.

 

ونبه إلى تمركز المقاتلين الروس في قاعدة الجفرة الجوية وسط ليبيا، حيث أنشأت شبكة واسعة من المواقع التي يقال إن روسيا تستخدمها للسيطرة على البنية التحتية الاستراتيجية من خلال توفير المعلومات الاستخبارية والمشورة والدعم العملياتي، مكملا: بالاعتماد على ليبيا كقاعدة عسكرية لها، تمكنت روسيا من توسيع نفوذها ودعمها العسكري للحكومات في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

 

وانتقد المبعوث الأميركي السابق لليبيا غياب الولايات المتحدة عن المشهد الليبي مقابل الحضور الروسي القوي، مشيرا إلى أن الملف أهمل خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أيد المشير حفتر بينما كان يحاول الاستيلاء على طرابلس، ما تسبب في شل سياسة البلاد وإبطال النفوذ الأميركي.

 

وتابع: في عهد الرئيس جو بايدن، ظل جوهر السياسة دون تغيير عن فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما.. دعم عملية الأمم المتحدة لتأمين الانتخابات، حتى مع توقف تلك الجهود مرارًا وتكرارًا في مواجهة المعارضة، العلنية والسرية من شخصيات مثل حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

 

وأشار إلى أن عدم عودة عمل السفارة الأميركية من طرابلس لا تعني فقط مخاوف تكرار واقعة مقتل السفير السابق كريس ستيفنز ومسؤولين آخرين في بنغازي، بل أيضا تظهر عدم منح الحكومة الأمريكية أولوية لليبيا منذ نهاية إدارة أوباما، مكملا: في الآونة الأخيرة طلبت إدارة بايدن من كونغرس توفير التمويل لإعادة فتح السفارة، ومن الجيد أن نرى الولايات المتحدة تتجاوز صدمة بنغازي.

 

وأنهى حديثه بالدعوة إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة الحالية بشأن ليبيا، فبدلا من الاعتماد على الأمم المتحدة لتحمل ملف الانتخابات الليبية الثقيل يتعين على الولايات المتحدة أن تفكر في الأدوات التي تحتفظ بها لممارسة نفوذها في ليبيا بطريقة تعود بالنفع على شعب ليبيا وتساعد على استقرار المنطقة من خلال مواجهة ما يفعله الروس بها.

Shares: