العرب اللندنية _ ينتظر الليبيون وصول رئيسة البعثة الأممية بالوكالة ستيفاني خوري إلى طرابلس في أوائل مايو القادم لمزاولة مهامها بعد إعلان المبعوث الأممي عبدالله باتيلي رسميا عن استقالته من منصبه، فيما يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تسعى إلى تكريس حضورها في المشهد الليبي وفق جملة من المعطيات المهمة سياسيّا وأمنيّا وإستراتيجيّا.
وبينما تستبعد أوساط دبلوماسية توصل مجلس الأمن خلال الأسابيع القادمة إلى اختيار مبعوث جديد، وهو ما يعني تولي خوري منصب رئيس البعثة، يرى مراقبون أن الدور الأميركي في ليبيا ستواجهه أربعة تحديات مهمة خلال الفترة القادمة؛ وهي النفوذ الروسي في شرق وجنوب البلاد، والممتد في مناطق الجوار، وخاصة في دول الساحل والصحراء وشرق المتوسط، وفوضى الميليشيات المسلحة في المنطقة الغربية، وتمسك الفرقاء الأساسيين بمصالحهم وامتيازاتهم على حساب أي جهد يُبذل من أجل حلحلة الأزمة.
وتنضاف إلى ذلك الشعبية الواسعة التي يحظى بها سيف الإسلام القذافي بين شرائح واسعة من المجتمع الليبي، وهو ما تبين من خلال التحركات التي انطلقت مؤخرا من مدينة الزنتان وشملت عددا من القبائل والمدن الليبية للدفاع عن حقه في الترشح للاستحقاق الرئاسي.
ويرجح محللون أن تتولى خوري إدارة الملف الليبي خلال الفترة القادمة في اتجاه تشكيل حكومة موحدة والإعلان عن روزنامة المسار الانتخابي، على أمل أن ينتظم الاستحقاق البرلماني في ديسمبر القادم، مع إرجاء الاستحقاق الرئاسي إلى ربيع 2025.
واعتبر عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن الأميركية ستيفاني خوري، المكلفة بقيادة البعثة الأممية بشكل مؤقت، قد تواجه نفس العقبات المتمثلة في عدم توافق الأطراف الدولية، مشددا على أن التوافقات الليبية ممكنة، كما حدث بشأن التعديل الدستوري الأخير، وفي وقت سابق في الصخيرات. وأضاف أن عدم توافق الأطراف الدولية هو الأساس في عدم إتمام أي من المبعوثيْن الأمميّين السابقيْن إلى ليبيا مهمته.
ورأى عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي أن تعيين خوري ممثلة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة أمر متوقع، موضحا أن الإدارة الأميركية أرادت الاستحواذ والسيطرة على الملف الليبي. ولفت إلى أن خوري ستنفذ أجندة الولايات المتحدة، مشددا على أن المتغيرات التي حدثت في الساحة الليبية كانت تحتم إحداث تغيير على مستوى البعثة الأممية لإمساك الملف الليبي مجددًا. واعتبر أن هذه الخطوة جاءت لإحداث تغيير فشل فيه باتيلي.
ورجحت أمينة المحجوب، عضو مجلس الدولة الاستشاري، أن “مجلس الأمن الدولي لن يتفق مجددا على تعيين مبعوث جديد خلفا لباتيلي”.
وقالت إن “تعيين ستيفاني خوري قبيل استقالة باتيلي دليل على دور أميركي أكبر في المرحلة المقبلة”، وأضافت أن “الدبلوماسية الأميركية ستقود الوساطة الأممية بدعم أميركي وغربي، على غرار ستيفاني ويليامز”، مبرزة أنه “من المتوقع أن تدعم واشنطن ستيفاني خوري للضغط على كل الأطراف الليبية لتحقيق تسويات سياسية معينة”.
وفي أوائل مارس الماضي تم تعيين خوري خلفا للدبلوماسي الزمبابوي السابق رايزيدون زينينغا، الذي شغل منصب نائب الشؤون السياسية بالبعثة منذ 16 ديسمبر 2022، وكان من المنتظر أن يواصل العمل في موقعه لكن ضغوطا أميركية قوية دفعت إلى الإطاحة به، خاصة وأن منصب نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أصبح منذ استحداثه بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2542 لسنة 2020 موقعا إستراتيجيّا بالنسبة إلى واشنطن، وذلك بهدف مراقبة الملف الليبي عن قرب.
وتعتبر ستيفاني خوري وجها أميركيا ملائما للمرحلة، وهي من أصول فلسطينية، حاصلة على درجة الدكتوراه في الفقه القانوني ودرجة البكالوريوس في الآداب من جامعة تكساس بالولايات المتحدة، وتتحدث اللغتين العربية والإنجليزية. وسبق لها أن شغلت عدة مواقع مهمة منها: منصب مدير الشؤون السياسية للبعثة الأممية في السودان عام 2022، ومنصب القائم بأعمال بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان 2021، وممثلة عن مكتب المستشار الخاص للأمم المتحدة بصنعاء، ومديرة لمكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في بيروت، وممثلة لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا.
ولدى خوري خبرة أكثر من 30 عاما في دعم العمليات السياسية ومحادثات السلام والوساطة في حالات النزاع وما بعد النزاع في مختلف مناطق العالم، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، كما لديها خبرة في العمل مع الأمم المتحدة تفوق 15 عاما، وخدمت في العراق ولبنان وليبيا والسودان وسوريا واليمن.
المصدر | العرب