تحدث عدد من ال محللين عن تأثيرات اجتماعية واقتصادية وأمنية كبيرة ناتجة عن إغلاق المعبر الحدودي بين البلدين الجارتين ليبيا وتونس، الأمر الذي قال عنه محللون بأنه أثر بشكل كبير على حركة التجارة والاقتصاد والسياحة بالإضافة إلى حركة المسافرين اليومية بين البلدين.

 

وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي الياس الباروني، إن المنافذ الحدودية تعد من أهم ركائز الدولة من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، وأكد أن هناك ضعف وفتور وتعاطي في السيطرة على هذه المنافذ نتيجة لانتشار السلاح والجماعات المُسلحة.

 

وتابع: “أدى كل ذلك إلى ضعف سيطرة الدولة على هذه المنافذ سواء أكانت برية أو جوية أو بحرية نتيجة كل المعطيات السابقة، بالإضافة لسيطرة كل مدينة على المنفذ الخاص بها، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى إرباك على المستوى الاقتصادي والأمني فيما يتعلق بتعاطي دول الجوار مع ما يجري على الأراضي الليبية”.

 

واعتبر الباروني، في تصريحه لـ “سبوتنيك” أن هذا الإغلاق يؤثر ذلك سلبا على الوضع الأمني الهش في الدولة الليبية، ويضعف تعاطيها الدولة الليبية مع جيرانها في العديد من المسائل خاصة المسائل الأمنية وتحديدا في ملف التهريب أو ما يعرف بالتجارة البينية التي جرمتها القوانين المحلية والدولية، وهنا يجب أن تعمل الدولة على بسط سيطرتها على هذه المنافذ حتى تعيد هيبتها فيما يتعلق بالمسألة الأمنية والاقتصادية.

وقال: “كانت هناك مسألة شد وجذب في سيطرة الدولة على معبر رأس جدير وحدث فيها الكثير من اللغط، الذي صاحبه خلافات كثيرة بين المدن والدولة في عملية السيطرة على هذا المنفذ، وكان هناك رأي مشترك في عملية السيطرة من قبل الجيش في المنطقة الغربية على المنفذ بطريقة أمنية متفق عليها، واعتبر أن ذاك أعطى مؤشر إيجابي في عملية تقدم سيطرة الدولة على المنافذ”.

وأردف: “ينبغي أن يسود ذلك على جميع معابر الدولة الليبية لأن مساحة ليبيا شاسعة وتحيط بها الكثير من الدول، وبالتالي ينبغي أن تسيطر الحكومة على هذه المنافذ حفاظا على مستوى الأمن الوطني الليبي بالإضافة إلى الأمن الغذائي المهدد من قبل المهربين وفي تعاطي الجريمة المنظمة والجرائم المتعلقة بملفات الهجرة غير الشرعية، وهنا تحاول الدولة السيطرة على المنافذ حتى تعود للدولة هيبتها وتكون حامية لرعاياها من كل الإشكاليات على المستوى المحلي والدولي”.

وأشار إلى أن الدولة الليبية استغلت هذه الفرصة في إغلاق المعبر الحدودي رأس جدير لإجراء بعض التحسينات والصيانة والتوسعة لنقاط العبور في المنفذ وصيانة المرافق التابعة له من أجل عمليات تحسين خدمات المسافرين القاصدين للبلدين.

 

ولفت إلى ضرورة أن تعمل الأجهزة بالمنفذ على منح دورات لعناصر المنفذ لطرق التعامل مع المسافرين، وذلك لغياب أسلوب التعامل معهم بشكل سلس ومريح، معتبرا أن معبر رأس جديد حيوي ومهم جداً من الناحية الاقتصادية وهناك تبادل تجاري بين الدولتين ونقل البضائع بالإضافة لسفر المواطنين للسياحة والعلاج في الجارة تونس، ناهيك عن التجارة المتبادلة بين الدولتين.

وقال: “ليبيا تعتبر بلد مستقبله للتجارة الدولية وتقوم بالتصدير لدولة تونس وهذا يعطي مؤشر ايجابي للتجار وأن أكثر من 80‌‎ في المئة من التجار معتمدين على التجارة المشتركة بين ليبيا ودول الجوار، لأن ليبيا تمثل نقطة انطلاق البضائع من ليبيا لهذه الدول، وهذا مؤشر إيجابي للنهوض بالقطاع الخاص، وكذلك رفع مستوى الدخل القومي للدولة الليبية وينبغي الاستفادة من ذلك بما يخدم المصالح في كافة القطاعات”.

وأضاف: “يجب الاستفادة من تنقل المنتجات المشتركة بين البلدين بطريقة سلسة وبدون جمارك لتشجيع التجارة ما بين البلدين، ويأتي ذلك في مسألة الدعم للجارة تونس التي تعاني من أزمات اقتصادية ومن التحول السياسي فيها ومعاناة الشارع في هذا البلد الجار، وينبغي أن تكون هناك سياسات متبادلة للنهوض بالقطاع الخاص والتنمية في المناطق الحدودية التي تعيش على التجارة بين هاتين البلدين”.

وأكد أن استمرار إغلاق المنفذ يؤثر سلبا على البلدين في مسألة تنقل المواطنين خاصة وأن الليبيين يسافروا بأعداد كبيرة للجارة تونس، وبالتالي فإن هؤلاء اتجهوا للمنفذ البديل الذي يبعد مئات الكيلومترات عن منفذ رأس جدير مع ذكر كافة التسهيلات التي قُدمت في المنفذ البديل.

 

المعالجة الحقيقية للإغلاق

ومن جهته، يقول الأكاديمي التونسي الباحث في العلاقات الدولية بشير الجويري: “يجب الحديث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إغلاق المعبر أو فتحه سواء من الأجهزة الرسمية أو من القوى الفاعلة على الأرض، ويجب البحث عن الأسباب الحقيقية العميقة التي أدت إلى ذلك، لأن هناك أسباب هيكلية وتعقيدات يجب أن ينظر إليها بأكبر قدر من الحكمة مرتبطة بالبلدين ويجب حلها”.

 

وأوضح الجويري في تصريح خاص لـ “سبوتنيك” أن معبر رأس جدير ليس مجرد معبر بل هو شريان حيوي يجمع بين بلدين يؤثر ويتأثر بالعوامل السياسية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ولديه تأثيرات على أكثر من صعيد أهمها الاجتماعي لأن هناك عدة مناطق تعيش من هذا المنفذ.

واعتبر أن كل إغلاق لهذا المنفذ يؤثر على المناطق الحيوية في البلدين، بالإضافة لتأثيرات اقتصادية على النسيج الاقتصادي في المناطق الحدودية لِكلا البلدين، لأن عدد المؤسسات المُصدرة في تونس يصل إلى 1200 مؤسسة، ويعاني من تراجع كبير في التوريدات يصل إلى 34‌‎ في المئة، وهذا له تأثير كبير على النسيج الاقتصادي التونسي خاصة في ظل ما تعانيه تونس من مشاكل اقتصادية، بالإضافة إلى معاناة الجانب الليبي فهناك انعكاسات اقتصادية ملموسة في الكثير من الجوانب في المناطق الحدودية.

وتابع: “هناك معاناة كبيرة للمسافرين في المنفذ، ومدة انتظار كبيرة ومدة الانتظار تتراوح بين 38 إلى 48 ساعة والمشكلة في المنفذين الليبي والتونسي، وهذا يمثل مشكلة كبيرة في البنية التحتية ويجب على السلطات في البلدين الاعتناء بهاتين المنفذين وأن يكون هناك أهتمام، وتأهيل للكوادر البشرية العاملة في المنفذين سواء أكانت أمنية أو جمركية لتأمين عبور آدمي وإنساني يحترم الكرامة البشرية لمواطني البلدين”.

Shares: