تحدث مقال نشرته وكالة «بلومبرغ» الأميركية، عن النهج الأوروبي في التعامل مع أزمة الهجرة غير النظامية في البحر البحر المتوسط، والذي يقوم على إسناد مهمة وقف تدفق المهاجرين إلى ليبيا، وهو ما جعل من مسار الهجرة في البحر المتوسط المسار الأكثر فتكا في العالم.

 

وقالت كاتبة المقال راشيل ساندرسون، إنه على الرغم من إبرام صفقات مع ليبيا وتخصيص مبالغ طائلة لصد تدفقات الهجرة غير النظامية إلا أن بيانات حديثة أظهرت أن أعداد المهاجرين الذين وصلوا إيطاليا من ليبيا تضاعفت خلال العام 2023، ما يعني فشل الردع الأوروبي.

 

وأضافت أن «مسار الهجرة من البحر المتوسط أشبه بجبهة متنازع عليها في حرب، وهناك عديد الدلائل على أن الصراع في مساره التصاعدي».

وأشار المقال إلى أن موسم الهجرة في البحر المتوسط بدأ بحادث وصفه بـ«القوي». ففي الرابع من أبريل الجاري، أطلق خفر السواحل الليبي أعيرة نارية على سفينة إغاثة وإنقاذ مسلحة في إيطاليا «ماري جونيو» التابعة لمنظمة «ميديتيرانيه» أثناء محاولة إنقاذ مهاجرين انطلقوا من ليبيا صوب جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وهي أقرب نقطة إلى سواحل شمال أفريقيا.

 

وأظهرت مقاطع مصورة اثنين من زوارق الدورية التابعة لخفر السواحل الليبي تقترب مسرعة من السفينة الإيطالية، وتطلق أعيرة نارية فيما يحاول المتطوعون انتشال المهاجرين من البحر.

 

وقررت السلطات الإيطالية احتجاز السفينة «ماري جونيو» في بوزالو، وهو ميناء صقلي قرب موقع لوكالة الحدود الأوروبية «فرونتكس»، مع احتجاز أصحابها الإيطاليين لمدة 20 يومًا وتغريمهم عشرة آلاف يورو بتهمة «التحريض على فرار المهاجرين لاستدراجهم من القوات الليبية».

 

وأشار المقال أيضا إلى تصريحات أخيرة لرئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، هذا الشهر أمام برلمان بلادها حيث أكدت «أنها لا تنوي الخضوع للمتاجرين، وأن مسؤولية منع المهاجرين من المغادرة تقع على عاتق الدول الأوروبية ودول شمال أفريقيا».

 

وتحدثت الكاتبة عن «حرص أوروبي على نقل مسؤولية معالجة طلبات اللجوء إلى دول خارجية في العام 2024 والتعاقد على إدارة حدودها مع دول أخرى على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان».

 

واستشهدت بالاتفاقات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع ليبيا لإدارة ومنع تدفق الهجرة غير النظامية من سواحلها. فمنذ العام 2015، خصص الاتحاد الأوروبي ميزانية تزيد على 700 مليون يورو لليبيا للحد من الهجرة. وفي مارس، أبرمت بريطانيا أيضا اتفاقا يمنح ليبيا مليون جنيه إسترليني لمنع مغادرة المهاجرين.

 

والأسبوع الماضي، وافق الاتحاد الأوروبي على اتفاق جديد تقوم بموجبه دول المواجهة مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا ببناء مراكز احتجاز ومعالجة طلبات اللجوء بشكل سريع، وترحيل طالبي اللجوء غير مستوفي الشروط.

 

وينص الاتفاق كذلك على أن تقوم بقية دول الاتحاد الأوروبي بإعادة توطين مزيد المهاجرين أو تقديم تعويضات مالية لدول جنوب أوروبا إذا لم ترغب في الترحيب بالمهاجرين.

 

وواجهت تلك الصفقة، التي تحمل اسم «آلية التضامن»، معارضات من داخل أوروبا، إذ وصفها عضو البرلمان الأوروبي المعارض اليوناني كوستاس أرفانيتيس، بـ«يوم مظلم»، محذرا من تحول جنوب أوروبا إلى «مستودعات للأرواح، مثل غوانتانامو الأوروبي».

ولفت المقال إلى بيانات نشرها «مشروع المهاجرين المفقودين» التابع للمنظمة الدولية للهجرة، أن أعداد المهاجرين الذين وصلوا إيطاليا عبر مسار البحر المتوسط من ليبيا تضاعف خلال العام 2023، معتبرا أن ذلك دليل آخر على فشل نهج الردع الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي.

 

وتظهر بيانات «مشروع المهاجرين المفقودين»، المقام منذ العام 2014، أن أكثر من 12 ألف شخص فُقدوا في البحر المتوسط. كما أن هناك أدلة قوية على اختفاء عديد من حطام مراكب الهجرة، وهي مراكب اختفت بدون ناجين، وبالتالي لم يجر تسجيلها.

 

كما تعكس التقارير الأوروبية بشأن تحول تونس إلى نقطة الانطلاق الرئيسية إلى أوروبا بديلا لليبيا حاجة الساسة في الكتلة الأوروبية إلى إعادة التفكير في النهج المتبع لحل أزمة الهجرة غير النظامية.

 

وتظهر بيانات من المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، وهو تحالف يضم 122 منظمة غير ربحية من 40 دولة أوروبية، أن خفر السواحل الليبي اعترض 338 مهاجرا منذ بداية العام 2024.

 

وقال المقال إن «تلك البيانات تعكس سياسة مماثلة لسياسة تتبعها الولايات المتحدة تنطوي فعليا على دفع حدودها جنوبا إلى غواتيمالا وحتى أبعد من ذلك. تتناسب هذه الحجة أيضا مع سياسات ميلوني اليمينية المتشددة، التي تتسامح مع، إن لم تكن تشجع، المأساة التي يمكن تجنبها بسهولة».

Shares: