العديد من المحللين رجحوا أن يؤدي إعفاء وزير النفط محمد عون عن منصبه، الشهر الماضي، إلى فتح باب استئناف العمل في كبريات مشروعات النفط والغاز بالبلاد، التي كان الوزير يعرقل استمرار عملها دون الاتفاق مع المستثمرين على شروط جديدة.
بدأت أزمة الاستبعاد بإعلان هيئة الرقابة الإدارية، برئاسة عبدالله قادربوه، في 26 مارس الماضي (2024)، وقف عون عن العمل بشكل احتياطي، وذلك على خلفية وجود تحقيق في اتهامات تتعلق بمخالفات مالية وقانونية.
ونفى الوزير -في رد خاص حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- من وزير النفط محمد عون، الذي أكد خلاله براءته من أيّ اتهامات موجّهة إليه.
ويرى عدد من المحللين أن استبعاد وزير النفط قد يسهم في تسهيل الوضع تدريجيًا، لكنهم حذروا من أن عدم الاستقرار السياسي ما يزال يمثل مشكلة.
عين رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، أحد المقربين من ابن أخيه وزيرًا، بدلًا من الوزير محمد عون الذي خُلع من منصبه الشهر الماضي، وهو وكيل وزارة النفط الليبية خليفة عبدالصادق.
وتعاني ليبيا من حالة عدم استقرار سياسي، منذ أحداث 2011 ، بينما تحكم البلاد -حاليًا- حكومتين، إحداهما في شرق البلاد والأخرى في غربها.
وفيما يُعتقد أن تنحية وزير النفط سببها مخالفات قانونية ارتكبها، قالت مصادر إنها كانت “على ما يبدو سياسية”، حسبما ذكر تقرير لـ “إس آند غلوبال كوميديتيز إنسايتس”، الأربعاء 10 أبريل 2024.
وقال كبير محللي شركة “فريسك مابلكروفت” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش كينيار: “تحمل إقالة عون تأثيرًا مختلطًا في قطاع النفط الليبي والشركات الأجنبية على حد سواء. فهي من ناحية قد تزيل تعليق العمل في كبريات مشروعات النفط، كما تحمل ضمانات للشركات الأجنبية العاملة في الدولة”.
غير أن المحلل أشار إلى أن وزير النفط المُعفى من منصبه ما يزال يحتفظ بسطوة على جماعات لديها قدرة على وقف إنتاج النفط والغاز في ليبيا.
وقد تكون من تلك الجماعات، النقابة العامة للنفط في ليبيا، والتي أصدرت بيان مساء 31 مارس 2024، لرفض القرار الصادر عن رئيس هيئة الرقابة الإدارية، الذي وصفته بأنه ظالم.
وطالبت النقابة بإلغاء القرار، داعيةً في الوقت نفسه كل القوى السياسية والوطنية في ليبيا إلى الوقوف ضد قرار وقف الوزير، إذ ترى أن القرار يضرّ بمصالح الدولة، وفق البيان الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
كان وزير النفط محمد عون، قد رفض صفقة خاصة بتطوير حقل “الحمادة الحمراء” في شهر فبراير الماضي، الأمر الذي أدى إلى تدخل النيابة العامة بقرار يقضي بوقف مفاضات عقد تطوير الحقل، التي تجريها مؤسسة النفط.
وكانت النيابة العامة قد أبلغت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في ديسمبر الماضي 2023، بضرورة وقف مفاوضات عقد تطوير الحقل الواقع في غرب البلاد، لحين صدور قرار قضائي يفصل في تحقيق صحة إجراءات التعاقد.
وتعتمد صحة قطاع النفط والغاز في ليبيا على التعاون بين 4 شركاء في الصناعة هم: وزير النفط الليبي ومؤسسة النفط بقيادة فرحات بن قدارة ورئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة، إضافة إلى محافظ البنك المركزي صديق الكبير.
وحتى الآن تسيطر حكومة خليفة حفتر على حقول النفط الغربية في بنغازي، واستطاعت وقف الإنتاج في الماضي، وفق المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم استقرار إنتاج النفط الليبي عند 1.14 مليون برميل يوميًا، وفق حسابات “إس آند بي غلوبال كوميديتي إنسايتس”، إلا أنها كميات أقل من السنوات السابقة لعام 2011، والتي كانت تدور حول 1.6 مليون برميل يوميًا.
وتصاعد الخلاف مؤخرًا بين محمد عون -الذي أُعفي من المنصب- والمستثمرين الأجانب، إذ اتهم شركات النفط العالمية بتعطيل خطط التطوير ومحاولة الضغط على الحكومة لشروط تعاقدية أفضل.
غير أنه بعد الإطاحة به، تأمل شركات عديدة في إعادة التفاوض على مشروعات في ليبيا، مثل شركتا توتال إنرجي الفرنسية TotalEnergies وكونوكو فيليبس الأميركية ConocoPhillips على حصتهما في حقل “الواحة” الذي ينتج أكثر من 300 ألف برميل يوميًا.
وقالت كبيرة محللي “إس آند بي غلوبال” جيسكا ليلاند، إنه مع الإدارة الجديدة لوزارة النفط الليبية ستنخفض المعارضة لتعاقدات المشروعات.
وأضافت: “عبدالصادق غالبًا ما سيسحب كل الشكاوى الذي قدمها سلفه محمد عون ضد تعاقدات قطاع النفط الليبي متضمنة الواحة والحمادة.. على ما يبدو سيتعاون مع مؤسسة النفط أكثر من معارضتها، ما يمنح المستثمرين ثقة أكبر”.
المصدر : موقع الطاقة