اتقرير ألماني،- لعديد من المراقبون لم يضعوا في اعتبارهم إمكانية تحول تعهدات القوى والأطراف الليبية المتنافسة بحل الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات، وإجراء انتخابات وطنية، إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع، مؤكدين أن المصالح الشخصية والخوف من خسارة النفوذ لا يزالان المتحكمين في نيات القوى المتنافسة.

جاء ذلك في تقرير لإذاعة “دويتشه فيله” الألمانية، نشرته أمس الجمعة عبر موقعها الإلكتروني، إذ أشارت إلى استمرار الأزمة السياسية في ليبيا، والحاجة إلى البحث عن حل جذري على الرغم من سنوات الانقسام والحرب، وعشرات المبادرات المحلية والإقليمية والدولية لحل الأزمة، كان آخرها اجتماع ثلاثي، استضافته القاهرة برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية، لإنشاء حكومة موحدة في البلاد.

 

اجتماع سياسي في القاهرة

 

واتفقت الأطراف السياسية الليبية في القاهرة، الأسبوع الماضي على مناقشة إنشاء حكومة موحدة تتولى الإشراف على الانتخابات الوطنية. ومن أبرز الحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

 

وخلال اللقاء تحدث المنفي عن «بداية مهمة للغاية»، دعا الحاضرون المجتمع الدولي وبعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة إلى توفير الدعم اللازم لمخرجات الاجتماع. بينما أشاد وزير الخارجية المصري بالرغبة الليبية المشتركة في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

غير أن مراقبين، تحدثت إليهم الإذاعة الألمانية، يرون أن تلك الخطوات مجرد «إعلان نيات» حتى الآن، ولم تُترجم إلى خطوات فعلية.

الانتخابات تهدد نفوذ النخبة

قالت رئيسة مكتب ليبيا بمؤسسة «فريدريش إيبرت» الألمانية، سلام سعيد، لـ«دويتشه فيله»: «أنا متشككة في فرص النجاح الحقيقي. حتى حكومة الوحدة التي تشكلت في العام 2021 لم تكن قوية بما يكفي لتنظيم الانتخابات التي كان من المقرر عقدها بالفعل. لا أرى فرقا جوهريا هذه المرة».

 

وأضافت الباحثة أن «ممثلي الدولة والبرلمانيين مهتمون بتشكيل حكومة موحدة من الناحية النظرية»، لكن من الناحية العملية ليس لديهم أي اهتمام جدي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لأن ذلك قد يهدد نفوذهم.

وتحدثت في أمر غياب كل من رئيس حكومة التطبيع عبدالحميد الدبيبة،  وخليفة حفتر، عن اجتماع القاهرة.

كما أشارت إلى «الاثنان بالتحديد لا يملكان أي اهتمام بتشكيل حكومة جديدة، لأن ذلك يعني خسارة منصبيهما ونفوذهما بالتبعية». كما أنها استبعدت أن تحظى نتائج اجتماع القاهرة بموافقة كل الأطراف داخل ليبيا.

ضغوط متنامية على النخبة في ليبيا

ورغم كل ذلك أشار التقرير الألماني إلى ارتفاع الضغوط على القوى السياسية المتنافسة في ليبيا، لافتا إلى حالة من الإحباط العميق بين الليبيين بعد تحطم الآمال بإجراء الانتخابات في موعدها، الذي كان مقررا في نهاية العام 2021.

وفي ذات السياق أضاف التقرير: «شعر الليبيون بأن النخبة السياسية تتقاتل بشكل متواصل على السلطة، مع إهمال كامل لمصالح المواطنين».

من جانبها ، تتشارك الباحثة في المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق، هاجر علي، وجهة النظر نفسها، وقالت: «بالإضافة إلى إحباط المواطنين، يتعرض السياسيون أيضا لضغوط بسبب الوضع الأمني في البلاد، الذي تفاقم بسبب كارثة الفيضانات التي وقعت العام الماضي».

أطراف ليبية تشارك في حرب السودان

وأضافت الباحثة في تصريحات إلى «دويتشه فيله»:

«جنوب ليبيا على وجه الخصوص يشارك بشكل متزايد في الحرب بالسودان المجاور. القوات التابعة لحفتر تنقل الأسلحة والمعدات إلى الدولة التي تشهد حربا أهلية».

مضيفة إلى أن السودان يشهد أزمة النزوح الأكبر في العالم، مع نزوح أكثر من عشر ملايين شخص بسبب الحرب المشتعلة به منذ أبريل الماضي. كما أن الأزمة في السودان قد تفاقمت بسبب الانقلابات التي شهدتها النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

وأوضحت: «يخلق هذا ضغطا كبيرا على الأطراف الليبية للعمل على حل سياسي مستدام للأزمة السياسية». وتابعت: «انعدام الاستقرار ربما يكون مربحا سياسيا لبعض الأطراف، لكن لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. لهذا تضغط الأمم المتحدة على وجه الخصوص من أجل إقامة الانتخابات، باعتبارها العامل الأكثر أهمية لتوحيد البلاد».

عوامل داخلية تعقد الأزمة السياسية

وعلى صعيد آخر تحدثت الباحثة في المعهد الألماني

للدراسات العالمية ودراسات المناطق عن وجود عوامل سياسية داخلية تعقد مساعي إجراء الانتخابات الوطنية.

وأوضحت: «العوامل السياسية الداخلية في ليبيا أكثر صعوبة. العملية برمتها قد تفشل بسبب مشاكل أخرى مثل قانون الانتخابات، ويعد هذا سببًا آخر لعدم احتمال تحقق تقدم سريع في ليبيا بالوقت الحالي، على الرغم من الإعلان المشترك الصادر في القاهرة».

وحتى وقتنا هذا ، لم تتمكن القوى السياسية من التوصل إلى اتفاق بشأن قانون الانتخابات، حيث تركز جميع الأطراف المعنية في المقام الأول على العواقب التي يمكن أن يخلفها القانون الانتخابي المعني، وتخطيط الدوائر الانتخابية

تقرير ألماني: مصالح القوى المتنافسة في ليبيا عقبة أمام حل الأزمة السياسية

Shares: