استغربت كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غازيني، عدم بدء أي تحقيق دولي حقيقي في كارثة درنة بعد مضي نحو ستة أشهر، مشيرة إلى عدم تمكن أي خبير دولي في مجال السدود من النزول إلى الميدان على الإطلاق.

وزارت غازيني أخيرا المواقع المدمرة، حيث اطلعت على الإجراءات المتخذة بعد ليلة 11 و12 سبتمبر 2023، حين دمرت الفيضانات الناتجة عن العاصفة «دانيال» المدينة وتسببت في مقتل الآلاف وتدمير أحياء بأكملها بعد انهيار سدين، وفق تقرير لوكالة «نوفا» الإيطالية أمس الثلاثاء.

 

وعلى الرغم من خطورة المأساة التي تسببت، بحسب تقرير للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأضرار بلغت 1.8 مليار دولار وأثرت على 22% من سكان ليبيا، إلا أنه لا تزال هناك بعض الإشارات الإيجابية، وفق غازيني.

 

إشارات إيجابية في درنة

وأضافت المحللة الإيطالية: «إنه أمر مثير للدهشة، كيف جرى تطهير الساحة الواقعة في الجزء الأوسط، والتي كانت الأكثر تضررا بسبب الفيضان، وأنجزت معظم أعمال الهدم والتنظيف.. ومن الإيجابي أيضا أن عديد العائلات حصل على إعانات الإيجار والإسكان من (الحكومة المكلفة من مجلس النواب)، وزيادة على ذلك، لا يمكن الحديث عن أزمة إنسانية حقيقية، ففي كل الأحوال هناك غذاء ومساعدات»، كما وزع برنامج الأغذية العالمي بطاقات حصص غذائية لشراء المواد الغذائية.

 

لكن غازيني انتقدت عدم إجراء أي تحقيق دولي حقيقي لتحديد المسؤوليات في انهيار السدين بسبب عدم تمكن أي خبير دولي في مجال السدود من النزول إلى الميدان على الإطلاق، مضيفة أنهم لا يزالون في انتظار تقرير المهندسين الدوليين فهذه الحقيقة مهمة لأنه يتعين بعد ذلك تقييم ما يجب فعله بالوادي، وعلى سبيل المثال، كيفية توجيه قناة الماء، وهو ما يؤثر أيضًا على عملية إعادة الإعمار.

 

مخاوف بشأن الملاحقة الجنائية في قضية سدي درنة

كما تساور غازيني شكوك بشأن الإجراءات الجنائية الجارية ضد 15 متهما في قضية تحقق فيها النيابة العامة بخصوص المسؤولين عن انهيار سدي درنة.

 

وأوضحت أن المحامين يخشون من أن تكون محاكمة سريعة، ولا تؤدي إلا إلى إدانات سياسية لإيجاد كبش فداء وتوجيه الاستياء تجاه بعض الشخصيات دون غيرها.

 

ولم توجه الاتهامات إلى أي عضو في حكومة المكلفة من مجلس النواب، وفق الخبيرة الإيطالية، لافتة إلى أن الملاحقات اقتصرت على «رئيس البلدية ومسؤولو وزارة المياه ومختلف الفنيين الآخرين»، مستغربة أن يكون (نائب محافظ مصر ليبيا السابق) علي الحبري بين الخاضعين للتحقيق «باتهامات لا أساس لها من الصحة» بسوء إدارة ما يسمى «إعادة إعمار درنة»، وتابعت: «فصندوق إعادة إعمار المدينة الذي أداره ليس لديه ما يفعله.. السدود المنهارة مسؤولية وزارة المياه».

 

تأثر الإعمار بنقص الدراسات حول السدود

ولفتت المحللة الإيطالية إلى نقص الدراسات الدولية حول السدود يؤثر أيضًا على إعادة الإعمار، مضيفة: «السلطات في شرق ليبيا، في هذه الأثناء، تستكمل مشروعا يعود إلى عهد القذافي لبناء نحو ألفي وحدة سكنية قرب درنة».

وأضافت: «هناك اليد الثقيلة للجيش الوطني الليبي، فيشعر الكثيرون في درنة بأنهم بعيدون تماما عن عملية صنع القرار بشأن مستقبل المدينة، وهذا يخلق الاستياء، وكل شيء يقرره القائد العسكري في درنة (آمر منطقة الأمن العسكري) عبد الباسط بوجريس و(مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا) بلقاسم حفتر».

 

دعوة باتيلي إلى إجماع وطني في ملف الإعمار

وسبق أن دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي السلطات الليبية والجهات الفاعلة إلى القيام بشكل جماعي بإعادة الإعمار مع التركيز على احتياجات ومصالح الأشخاص الذين تأثرت حياتهم بشدة بسبب الفيضانات، مؤكدا الحاجة إلى منصة وطنية منسقة لإعادة الإعمار، والإفراج عن الأموال وإدارتها وتوزيعها بشكل شفاف مع الإشراف الفعال والمساءلة أمام الشعب الليبي.

 

ووفقا لغازيني، فإن دعوة الأمم المتحدة «فكرة مهيمنة منذ بداية المأساة، حيث قيل إن الشرق والغرب يجب أن يتوصلا إلى اتفاق». ومع إنشاء صندوق إعادة الإعمار الذي يقوده أحد أبناء المشير خليفة حفتر «أصبح من المسلّم أن الأموال ستنتقل من طرابلس إلى الشرق، دون أن تكون هناك أي اعتراضات خاصة في هذا الصدد» وفق المحللة.

 

وتختتم غازيني «ومع ذلك، فإن الأمم المتحدة والدول الأعضاء الأخرى كانت ترغب في إقامة شراكة بين الحكومتين: أي ليس فقط التمويل الغربي والجهة المنفذة الشرقية، بل مراقبة فنية مشتركة لإدارة استخدام الأموال، ويبدو أنه لا يسعى أحد لهذا الأمر في الوقت الحالي، لأنه لا يناسب أحدا».

كلوديا غازيني | تستغرب من عدم بدء أي تحقيق دولي في كارثة درنة بعد مضي نحو ستة أشهر

 

Shares: