تحركات أمريكية حثيثة هدفها الضغط على رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة للبدء في تشكيل حكومة تصريف أعمال يليها التمهيد ومن ثم التنفيذ للانتخابات الوطنية، وهو الأمر الذي أكده لقاء الدبيبة مع المبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند الذي كشف عن دعم الجهود الأممية لوضع حلول للمشاكل التي تعيق إجراء الانتخابات بالبلاد وتشكيل حكومة تصريف أعمال وذلك خلال اجتماع الطرفين بطرابلس، و خلال اللقاء، تم التأكيد على دعم جهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي بشأن حوار الأطراف السياسية الليبية لوضع حلول للمشاكل التي تعيق إجراء الانتخابات.

من جانبه، أكد الدبيبة دعمه لكافة الجهود الدولية لإجراء الانتخابات، مجددا موافقته على مقترح المبعوث الأممي بشأن الحوار بين الأطراف السياسية الليبية، بالرغم من أنه من المعروف معارضته تشكيل حكومة جديدة، فقد شدد قبل الأيام على الرفض التام لهذه مسألة، وأكد أن حكومته جاءت لتكون آخر مرحلة انتقالية في ليبيا، وأكد خلال حضوره القمة العالمية للحكومات في دبي أن المرحلة الثانية ستكون الاتفاق على قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات ثم إجرائها.

وبدوره، قال نورلاند في تدوينة نشرتها السفارة الأميركية عبر حسابها على منصة “إكس”: “كان لي أنا والقائم بالأعمال برنت لقاء جيد مع رئيس الوزراء الدبيبة في طرابلس اليوم في وقت يواجه فيه القادة الليبيون ضرورة التعامل مع قضايا جادة تتعلق بالميزانية والأمور المالية”، موضحا أنه ناقش مع الدبيبة أهمية مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشكل بنَّاء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات، بما في ذلك تشكيل حكومة تصريف أعمال”.

وأكد نورلاند أن “الولايات المتحدة تدعم أيضًا الجهود الليبية الرامية إلى توحيد المؤسسات الأمنية والحفاظ على سيادة ليبيا والتوصل إلى توافق وطني حول سياسات اقتصادية وسياسات ميزانية شفافة ومستدامة”.

 

يشار إلى أنه في 23 نوفمبر 2023، دعا باتيلي الأطراف المؤسسية الرئيسية إلى المشاركة في اجتماع، لم يُعقد بعد، للتوصل إلى تسوية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي المرتبطة بإجراء الانتخابات في البلد الغني بالنفط، وعنى بالأطراف المؤسسية المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية و خليفة حفتر .

وتحدث باتيلي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، عن التنازع الحاصل بين حكومتي الدبيبة وحماد، واعتبر أنه “ليست هنالك أيّ مؤسسة تتمتع بالشرعية في ليبيا”، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لليبيا هو”تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين”، كما حث باتيلي خلال إحاطته بمجلس الأمن جميع الأطراف المؤسسية للمشاركة في الحوار “دون شروط مسبقة”، مشددا على أنه “من غير الممكن إحراز تقدم في إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية دون التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية”.

أما الأسبوع الماضي فقد اتفق مجلس النواب ومجلس الدولة على تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي كما نصت المادتين (90،86) من القوانين الانتخابية وذلك ضمن مخرجات الاجتماعات التي تجري في تونس، كما رحب الدبيبة ببيان أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا الأسبوع الماضي والداعي إلى ضرورة إجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن، بعدما أكد أعضاء مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي على “التزامهم القوي بعملية سياسية شاملة يقودها ويملك زمامها الليبيون، وتيِّسرها الأمم المتحدة، تُبنى على القوانين الانتخابية المحدثة التي اتفقت عليها لجنة “6+6″، في إشارة إلى مخرجات اللجنة المشتركة المشكلة من مجلسي النواب والدولة، مشددين في بيان صحفي، على أن من شأن تلك المخرجات أن تُمكن من إجراء انتخابات وطنية رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وشفافة وشاملة للجميع في عموم ليبيا وفي أقرب وقت ممكن.

واللافت للنظر في الوضع الحالي هو التغير المفاجئ لموقف محافظ المركزي، الصديق الكبير من حليفه عبدالحميد الدبيبة بسبب الخلاف حول الإنفاق العام، حيث طلب محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير في خطاب وجهه إلى البرلمان، إقرار حكومة موحدة جديدة من أجل توحيد وترشيد الإنفاق العام، لتحقيق الاستقرار المالي للدولة الليبية، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه المصرف في توفير احتياجات السوق المحلي من النقد الأجنبي بسبب تزايد حجم الإنفاق العام ووجود إنفاق مواز مجهول المصدر، والمعروف أنه يلتقي هذا الاتجاه مع المحاولات التي يقودها أعضاء من مجلس الدولة والبرلمان لإزاحة حكومة الدبيبة، حيث طالبوا خلال اجتماع بتونس قبل أسبوع، بتشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، داعين إلى اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة، تؤسس على خارطة الطريق المعتمدة بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية.

ويعيش الليبيون حالة من الانقسام السياسي منذ عام 2011 ويأمل الجميع في وضع حل للوضع الحالي وإنهاءه من خلال انتخابات وطنية نزيهة.

الدبيبة في مرمى الضغط الأمريكي.. جهود حثيثة لتشكيل حكومة تصريف أعمال تمهيدا للانتخابات

Shares: