جريدة دا غارديان البريطانية _ قررت وزارة الدفاع الدنماركية مراجعة قصفها الجوي على ليبيا خلال الغارات التي نفذها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العام 2011 في أثناء فبراير، بعد ظهور أدلة عن تسببها في مقتل 14 مدنيا ليبيا.

دا غارديان البريطانية

وأفادت جريدة «ذا غارديان» البريطانية، أمس الخميس، بأن القرار الدنماركي جاء بعد إثبات وثيقة سرية أن قواتها الجوية شاركت في غارات على ليبيا أسفرت عن مقتل 14 مدنيًا في العام 2011، وهي المرة الأولى التي تعترف فيها إحدى الدول المشاركة في حملة قصف «ناتو» بوجود شبهة جرائم.

 

ووفق الوثائق التي جرى نشرها بموجب حرية المعلومات، فإن القوات الجوية الدنماركية توصلت منذ العام 2012 إلى أن هجومين من طائرات حربية من طراز «إف 16» كانا مرتبطين بتقارير عن سقوط الضحايا المدنيين، التي أكدتها الأمم المتحدة ووسائل الإعلام وجماعات حقوق الإنسان.

 

واستنتجت المراجعة الداخلية الدنماركية أنه «لا يمكن استبعاد وقوع خسائر في صفوف المدنيين خلال تنفيذ هذه الهجمات».

 

ولم يجر إعلان هذا الاعتراف وقتها، ما منع أحد أقارب الليبيين المقتولين من طلب التعويض أو كشف الحقيقة، لأنه لم يكن يعرف الدولة التي كانت وراء القصف، حسب الجريدة البريطانية.

وأشارت «ذا غارديان» إلى مواقع هجمات الأطلسي التي شاركت فيها طائرات مقاتلة دنماركية، والتي سقط فيها ضحايا من المدنيين.

 

ففي عملية قصف جوي على مدينة صرمان، على بُعد نحو 64 كيلومترا غرب طرابلس، في 20 يونيو 2011، أدى الأمر إلى مقتل 12 مدنيًا، من بينهم خمسة أطفال وستة أفراد من عائلة واحدة. واعتبر وقتها «ناتو» أنه «هدف عسكري مشروع».

 

كما تسبب قصف مبنى سكني في سرت، في 16 سبتمبر 2011، في مقتل شخصين، وهما رجل وامرأة كانت حاملًا في شهرها الخامس.

 

من جهتها، أوضحت وزارة الدفاع الدنماركية، في بيان، أنه على الرغم من أن الأحداث وقعت قبل سنوات عديدة، فإنها بدأت في المراجعة. وتابعت أن وزير الدفاع طلب من قيادة الدفاع تقييم ما إذا كانت الوثائق المعنية تشير إلى وجود تداعيات بهذا الحجم، بحيث كان ينبغي إجراء تحقيق في ذلك الوقت ضمن إطار التحالف أو حلف شمال الأطلسي.

كما تضمنت إحدى الوثائق، الصادرة قبل فترة والمرسلة في مايو 2012 من القيادة العسكرية الدنماركية إلى ممثلي حلف شمال الأطلسي في البلاد، أن الطائرات الدنماركية شاركت في عدد من الهجمات المحددة التي أدرجها محققون من اللجنة الدولية التابعة للأمم المتحدة على أنها تسببت في خسائر بصفوف المدنيين.

 

ولا تستبعد المراجعة الداخلية الدنماركية وقوع خسائر في صفوف المدنيين في أثناء تنفيذ هذه الهجمات. ويستدرك المصدر: «لا يوجد دليل أو مؤشر على أن الطائرات الدنماركية تسببت في مثل هذه الخسائر، لأنه لم تكن هناك قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأرض لتقدير آثار الهجمات».

 

وتعلق الجريدة البريطانية: «اعتمدت الدنمارك على عمليات المراقبة عن بُعد، وغيرها من وسائل الاستطلاع، للتوصل إلى حكم غامض».

وقال أحد الخبراء إن فشل الجيش الدنماركي في الاعتراف بإمكانية التسبب في وقوع خسائر بصفوف المدنيين في ذلك الوقت كان بمثابة فرصة ضائعة لتحسين معايير المساءلة، والسماح للضحايا بطلب التعويض.

 

ووصف مستشار لجنة التحقيق الدولية بشأن ليبيا التي أنشأتها الأمم المتحدة، مارك جارلاسكو، ما كشفته الوثائق بـ«الأمر المزعج للغاية»؛ «لأن ناتو رفض الإجابة عن أسئلة حول الضحايا المدنيين».

 

وحققت هذه اللجنة في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع.

وأضاف جارلاسكو: «من المخيب للآمال إلى حد كبير أنه لم تكن هناك شفافية كافية لطرح هذا الأمر في وقت كان من الممكن أن يكون فيه مفيدًا، ليس فقط للدروس المستفادة بحيث يمكن إنقاذ الأرواح في المستقبل، بل إنها مفيدة أيضًا لضحايا هذه الضربات، حيث يمكنهم فهم سبب مقتل أفراد أسرهم، ويمكنهم الحصول على نوع من التعويض عن خسارتهم».

 

وردا على الكشف الدنماركي، قال مسؤول في حلف شمال الأطلسي: «الحملة الليبية أجريت بدقة غير مسبوقة، وجري اتخاذ رعاية استثنائية لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المدنيون».

وعلى الرغم من اعتراف المسؤول بأن المخاطر لا يمكن أن تكون معدومة أبدا، فإنه أصر على أن جميع المواقع التي جري قصفها خلال العملية كانت أهدافًا عسكرية مشروعة، و«لم يكن لدى ناتو أي دليل مباشر على سقوط ضحايا من المدنيين، لأنه لم يكن مسموحاً لجنود الحلف بتفتيش مواقع الضحايا»، وفق «ذا غارديان».

 

وقال مسؤول ناتو: «لم تكن هناك دعوة من السلطات الليبية إلى حلف شمال الأطلسي لإرسال أفراد إلى البلاد لمراجعة الضربات».

 

وشاركت عشر دول، من بينها ست من أوروبا، في عمليات القصف كجزء من عملية يقودها حلف شمال الأطلسي، التي استمرت ستة أشهر بدءا من 31 مارس 2011

دا غارديان البريطانية

Shares: