يقول ال خبير الاقتصادي، محمد درميش، إن القطاع البنكي في ليبيا “مر بعدة مراحل آخرها منذ سنة 2005،
عندما تم إصدار قانون المصارف، ومن المعروف أن التحول في النشاط الاقتصادي في ليبيا
أيضا مر بعدة مراحل، ويعتبر القطاع البنكي الشريان الحيوي للسياسات الاقتصادية،
لأنه هو الذي يرسم السياسة النقدية وجزء وأداة لتنفيذ السياسات المالية ومحور جوهري في تنفيذ برامج السياسة التجاري”.
وأضاف أن “ما نراه في ليبيا الآن ومنذ عشرات السنين أن القطاع المصرفي يعاني من تدني في مستوى الأداء
وهذا يرجع إلى أن هذا القطاع يعمل في اقتصاد محتكر موجه، ويعاني من سوء اختيار القيادات العليا وفق أصول الإدارة والتنظيم.
غياب الإدارة المثلى
وأضاف درميش أن القطاع البنكي في ليبيا لا يقوم بدوره كمؤسسات تمويل واستثمار، بل أصبح مقار للاعتمادات وبيع الدولار
وصرف مرتبات العاملين فقط، بالإضافة لعدم مواكبة التطور والحداثة والانعزال عن البيئة الدولية.
بالإضافة إلى عدم السماح للبنوك الأجنبية ذات السمعة الحسنة بالعمل في البيئة الليبية، على الرغم من أن ليبيا تملك رأس مال كبير في البنوك التي تعمل في البيئة الدولية.
وأشار الخبير إلى أن أسباب نقص السيولة يرجع إلى سوء الإدارة، وفي ليبيا هناك سوء في إدارة الأموال
لأن الإدارة المثلى هي من تخلق التوازن في السيولة الداخلة والخارجة،
وتقارب الأحداث كل ساعة بساعة، فعلى سبيل المثال لو أن كل البنوك تعمل على إجبار الكل عند فتح الاعتمادات
بوضع نسبة من المبلغ المخصص للاعتماد نقدا سوف تنتهي مشكلة شح السيولة نهائيا .
ويرى درميش إن عدم مواكبة التطور والحداثة والربط مع البنوك العالمية والسماح لها بالعمل في ليبيا،
من المعروف في الاقتصاد المحتكر الموجه أن الأشخاص الذين يحتكرون عمل هذه المؤسسات البنكية الخاصة والعامة في تمويل اعتماداتهم وشراء الدولار
عندما نفتح السوق ويكون اقتصاد منافسة كاملة سوف تقل الهيمنة على البنوك من طرفهم، فهم يستفيدون من هذا الوضع بجعل البنوك مقار للاعتمادات وبيع الدولار فقط،
وعدم مساهمتها في تمويل الإقراض ومشاريع التنمية لان أصل عمل البنوك هو التمويل والاستثمار وهذا غير موجود في العمل البنكي في ليبيا نهائيا هنا المشكلة.
وأضاف سوف يستمر هذا الحال إلى أن تقوم دولة وتملك إرادة سياسية حقيقية للتغيير وفق إصلاحات اقتصادية للاقتصاد الوطني
كحزمة واحدة تسير في خطوط موازنة مع كافة السياسات الأخرى مرة واحدة كاستراتيجية عامة محددة الأهداف وقابلة للتحقيق
والتكيف مع المتغيرات الطارئة على أساسها ينتقل القطاع البنكي في ليبيا نهائيا إلى صفوف البنوك العالمية المعروفة.
الصناعة المصرفية المتقدمة
من جهته، يقول الأكاديمي، عزالدين الكور، المتخصص في العلوم المالية والمصرفية، إن هناك خطوات جادة نحو تطوير القطاع المصرفي العام وبدرجة أكبر منه في القطاع الخاص
إلا أن هذه الخطوات تتسم بالبطء بالرغم من حجم الإنفاق على التكنولوجيا في المصارف، إلا أن الصناعة بشكل كامل تعاني من وجود فجوة زمنية بينها وبين صناعة المصارف
في الدول المتقدمة في هذا المجال والذي يرجع إلى ضعف المنافسة وتركز الصناعة والاكتفاء بالحصص السوقية الناتجة عنه وعدم استخدام قوى السوق ورفع مستويات الكفاءة
على مستوى التكلفة والربح وتقديم الخدمات وتحقيق ميزة تنافسية ومن ثم تحقيق معدلات أداء ناتجة من الكفاءة تسهم في تحقيق التطور والنمو.
وتابع الكور “دائما تعاني صناعة المصارف وسوق النقد بشكل عام من تسرب السيولة النقدية خارج المصارف والذي يرجع إلى عدم الثقة في الجهاز المصرفي، والثقافة المجتمعية التي تعزز التبادل بالكاش حتى في الصفقات الكبيرة”.
يضاف إلى لك عدم تطبيق قوانين غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب وعدم وجود رادع لاستخدام الأموال خارج المنظومة المصرفية القانونية،
كما أن ثقافة مجتمعية لا تعزز استخدام وسائل الدفع الإلكتروني والذي فيه أيضا بطء في اللحاق
بركب الخدمات الإلكترونية الحديثة و المتطورة، وفق قول الخبير المصرفي.
وأضاف الكور: “في الوقت الراهن هناك محاولات جادة من المصرف المركزي والحكومة وصناعة المصارف تدفع باتجاه تطوير البنية التحتية،
وهيكلة القطاع وتفعيل الحكومة الإلكترونية وطرق الاتصال والأمن السيبيراني في محاولة للحاق بالصناعة المصرفية على المستوى الدولي”.
واختتم بقوله إن هذه المشكلة سوف تنتهي عندما يتم الاعتماد على قوة الإرادة والمبادرة ومعرفة ضرورة تطوير المعاملات المالية
بشكل عام والمصرفية بشكل خاص ووضع تشريعات وإجراءات تكفل التقدم في هذا المجال.